كتاب وشعراء

يا نرسيس ……شعر وليد.ع.العايش

لا تُقاطعيني هذا المساء
دَعْي الكلامَ يُرخي بِالظلال
فكلامُ الليلِ يمحوهُ النهار
وكلامُ النهارِ
يحتاجُ الرِجال
لكنَّ كلامَ المساءِ سيدتي
يمضي كالقضاء
ينقشُ كلَّ الحُروفِ على شظيّة
يركب كُلَّ مَطيّة
التاريخُ يا نرسيسُ
يُخَلِّدُ تغاريدَ المساء
دعيني أعترفْ
لا تُقاطعيني لحظةً
لا تكتبي فوق جبيني
أيَّ حرفٍ
لا تُسمِعيني صراخ الشمس
فإنّني أرجوكِ أنْ تكوني
كالقطّةِ الخرساءِ هذه المرّة
لفِّي بِأوراقِِ جريدةْ
كُلَّ ثرثرةِ النساء
في تِلكَ الشُقَّةِ الصَفْراءَ
على ضِفَّةِ شطِّ جميلِ
كُنْتِ ترتدينَ زَيكِ المألوف
شَعْرك الأشقر
كانَ يحتمي بلحن وِسادة
مِكْيَاجُك النرْجِسيِّ
يتربَّصُ خلفَ سِتارة
منْ ألفِ قرنٍ
عِندما دنوتُ للمرّةِ الأولى
مِنَ ثغرِ عليل
قُلْتِ : لا … لا أُريد
لكنَّكِ لمْ تتمنَّعي
ولمْ تمنَعي تِلكَ الموجة الحمْقى
أيَتُها الغافية فوقَ صدري
باللهِ عليكِ أنْ تقولي :
إنْ تَرَكّتّهُ أُمَّهُ
فما ذَنْبُهُ ذاكَ الخروف
دعيني أعترف …
لا تُقاطعيني هذه المرّة فقط
فإنَّ صدري يحترق
اِقذفي بِثرثرةِ النساءِ
في سَلّةِ مُهملاتٍ
أو في رُكنِِ زاويةٍ
كي أقولَ ما لديَّ
طالَ عُمْري …
وأنا أتربّصُ هذا المساء
فهلَّا تناسيتِ لحظةً
كُلّ ما قيلَ منْ غزلٍ
في رُدْفِ النساءِ
كمْ امتلات حقائبُهُنَّ
بالكذبِ المُبجّلِ
كُنتُ ذِئباً جائعاً
وكُنتِ أنتِ الفريسة في تلكَ الأمسيةِ
قُلتُ أُحبّكِ
كررتُها رُبما ألفَ مرّة
كما تتكررُ الدورةُ الصُغرى
راقصتكِ معَ أنني لا أجيدُ فنَّ الرقصِِ
كي تكوني كالخروفِ
على مذبحي … يا طريدة
ناورْتُ بِشتى الأساليبِ
دعوتُ ألا تكشفي عني الرداء
كُنْتُ في قمَّةِ التهذيبِ
وما يهمُّ الذئبُ
غيرَ إمساكِ الطريدة !
هَكذا كُنتُ
وهَكذا كُنَّا …
اِنْتَحلتُ صِفَةَ العاشقِ الأوحد
في هذا الزمان
أخبرْتُكِ همساً بأنَّه لا عبرةَ للمكان
وكُنتِ تُصدّقينَ
وقِطعةً منْ كُنوزكِ
تخلعينَها فجأة …
ذابَتِ الشقّة العتيدة
وانتظرْتُ
وانتظرْتُ عِتمةَ الليلِ …
فهلَّا سألتِ نَفسكِ يومها
عَنِ السبب …
كُنتُ أُرِيدُ إخفاءَ آثارِ الجريمة
وكُنتِ تَضحكين
وتَشْعُرينَ بأنَّكِ تملكّتِ حِصاناً أبيضاً
وليسَ ذِئباً … في ذاكَ المساءِ …
دعيني أعترفْ
هذهِ المرّة لا تُقاطعيني
اِسمعيني … اِسمعيني
سَأكْمِلُ القِصَّةَ ذاتَ يوم …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى