الشعب السوري بين النجاة والجبر….بقلم إيناس الغزولي
خلال الأشهر الأخيرة قبل تحرير سورية من مغتصبها الغاشم وصلتني أخبار سارّة، لأفراد من العائلة والأصدقاء ممن كانوا مستقرين في أوروبا، قاموا بحزم أمتعتهم وأنهوا كل ارتباطاتهم فيها، وانتقلوا للعيش في دولٍ إسلامية!
حرصاً على أطفالهم وسلامتهم الأخلاقية والفطرية والدينية من أي تشوه سيصيبهم إن استمروا بالمكوث في دول شرعنت الشذوذ وشنعت بالفطرة، وقلبت الأصول الأخلاقية والدينية لتصبح معادية لها قانوناً.
على الرغم من كون هؤلاء من أفضل الكفاءات واعتلوا مناصب عاليةً مرموقة في بلاد الغرب ونعموا بخيرات وفيرة، لكنهم ما أن أوشك أن يمس عائلتهم خطر يخص دينهم وأخلاقهم
حتى عزموا الرحيل دون عودة!
هؤلاء لم يشتروا الدنيا ومتاعها بالآخرة
هم من تخشى اليوم دول الغرب التي صرّحت بحدوث عوز في منظومة العمل لديها إن غادر السوريون وعادوا إلى بلادهم كما أعلنت الجهات المسؤولة في ألمانيا وتركيا.
يعلمون أن من سيغادر هو من لديه جذر أصيل،
ويهمه أن يكون جهده وعمله مبذولاً لأجل وطنه المنهك لنصف قرن، والمحرر اليوم!
وهذا بالضبط من حقق إنجازات في مكان تواجده خلال فترة لجوئه، لأنه لا ولم يقبل أن يكون عالةً بل جل همه أن يعيش شريفاً فخوراً عاملاً وآكلاً من عرق جبينه!
الغرب يعرف تماماً أن من سيبقى من السوريين على أرضها هم من لا خير فيهم لبلدهم (سوريا) ومما لا شكّ فيه أن لا خير فيهم لبلد لجؤوا إليه، إذ إنهم يحكمون مصالحهم الشخصية والفردية قبل أي مصلحة أخرى
ورغم أن هناك فئة ستفكر بدعم سورية مبدئياً من الخارج دون العودة العاجلة فهؤلاء لهم مكانتهم أيضاً، ولكن يبقى أيضاً التخوف قائماً من عودتهم لأنهم سيكون لهم إضافةً مهمة في البلد الحالي المقيمين فيه.
اليوم يعاد تقدير السوري بعد سنوات استمرت الدول والشعوب الحاضنة له تقلل من قيمته وتسيء إليه، بل وتضغط عليه بالعودة إلى بلاد يحكمها طاغية لا يفهم هو وزبانيته سوى بالنهب والكذب والتعذيب والتخريب!
يشاء الله أن يظهر الحقّ بعد معاناة استمرت ١٤ سنة
أن تُرفَع رؤوسنا ونجبر بعد قهر..
ويرى العالم أجمع سبب تهجير ولجوء من خرجوا من بلادهم
فتُكشف أوراق النظام ويتصدّر إجرامه كل الصفحات الأخبارية وغير الإخبارية
اليوم تتجلى حقيقة السوري بأنه الإنسان المحارب قبل اشتعال الثورة.. الثائر المقاوم من يوم ولادته للحظة وفاته!
فتاريخه مع هؤلاء الأوغاد كان زاخراً بالقهر والدم، والأذى والظلم..
ومع ذلك لم يخنع لظروف منهكة!
بقي شعباً مناضلاً، يبحث عن حريته وعاملاً لأجل استحقاق الحياة الكريمة التي يريد!