فراج إسماعيل يكتب :لا يعد إعادة دستور قديم بدعة،
خلال زيارة الوفد السوري للرياض الذي ضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات.. كانت مسألة الدستور أساسية في المناقشات. تعطيل الدستور الحالي في رأي السعوديين لا يجب أن يترك فراغا دستوريا، بل يتبعه إعلان دستوري أو إعادة دستور 1950 للعمل مؤقتا لحين صياغة دستور جديد وقد يصل ذلك إلى 3 سنوات على حد قول أحمد الشرع في حواره مع قناة العربية في وقت سابق.
لا يعد إعادة دستور قديم بدعة، خصوصا أن القادة الجدد أعادوا علم الاستقلال وهو المنصوص عليه في ذلك الدستور.
وبقراءة دستور 1950 نجد أنه إبداع في الفقه الدستوري وبناء المؤسسات الديمقراطية والبرلمانية وحرية التعبير وحرمة المنازل. شبيه بدستور 1923 المصري، ما عدا ما يخص السلطة التنفيذية التي يرأسها رئيس الجمهورية في الدستور السوري، وليس الملك في دستور 1923 .
في هذا الدستور ينتخب البرلمان رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي الأصوات. وهذه إشكالية قد تمنع العمل به، إذ إن الانتخابات البرلمانية قد لا تتم في غضون الأربع سنوات القادمة بسبب مشكلة الإحصاء السكاني والهوية والمهاجرين إلى الخارج. إذا ساهم السعوديون والأتراك في حل هذه الإشكالية بمجلس تشريعي معين يقوم مكان البرلمان وينتخب رئيسا مؤقتا للدولة فإن تفعيل ذلك الدستور قد يكون متاحا في مواده الأخرى الضامنة للحريات والمساواة وحرية العبادة.
يتكون دستور 1950 من 166مادة.. بعضها لا يتلائم مع الزمن الحالي مثل القضاء على الأمية ونشر التعليم الابتدائي في جميع أنحاء سورية خلال عشر سنوات. لكن أهم مادة فيه في حال تطبيقه أنه لا يجوز تعديله، وهذا جعله صلبا مثل دساتير الدول الديمقراطية المتقدمة ، في حين أن دستور الأسد تم تعديل سن المرشح لرئاسة الجمهورية ليناسب بشار الأسد بعد وفاة والده.
وانطلقت في عام 2017 حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لعودة دستور 1950 بديلا عن دستور 1973 المعمول به في نظام البعث.
واعتبرت الحملة أنه الدستور الوحيد الذي تم وضعه عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة ويمثل جميع الأطياف السياسية والدينية والعرقية، وبآلية ديمقراطية، واعتمد نظاما برلمانيا يقوم على التوازن والتعاون بين السلطات، وهي ضرورة حكمت ظروف المرحلة السائدة آنذاك.
لكن دستور 1950 لم يعمل به طويلا، فسرعان ما غير مع الانقلابات، وعندما تولي حافظ الأسد الحكم عبر انقلاب عسكري، صاغ دستور 1973، وظل بدون أي تعديل إلا في استثناءين اثنين، الأول عام 1981 للتخلي وقتها عن علم اتحاد الجمهوريات العربية، وترك الأمر لحافظ لاختيار العلم البديل.
أما المرة الثانية التي عدل فيها فكانت عام 2000 لتعديل السن القانونية لرئيس الجمهورية من سن الـ40 إلى 34، بما يتناسب عند تلك المرحلة مع سن بشار الأسد لتوريثه الحكم الذي بقي على رأسه، متمسكا بذات الدستور حتى عام 2012 حيث قام بشار الأسد عقب قيام الثورة الشعبية ضده بتغييرات شكلية تضمنت إلغاء المادة الثامنة التي يحتكر بموجبها حزب البعث قيادة الدولة والمجتمع والدولة.
المادة الثالثة من دستور 1950 تحدد أن الإسلام هو دين رئيس الجمهورية، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع، وقد ظلت تلك المادة في الدساتير اللاحقة.
ويعزز من سلطة القضاء عبر إنشاء المحكمة الدستورية العليا لضمان مراقبة دستورية القوانين وحماية الحقوق.
ويكفل حرية الرأي والصحافة، والاجتماع والتظاهر، والمحاكمة العادلة، ومنع الاعتقال التعسفي والتوقيف دون محاكمة لفترة طويلة، وحفظ حق الملكية والمشاركة في الحياة الاقتصادية وتأطير الملكية العامة للدولة، وحماية حقوق الفلاحين والعمال على وجه الخصوص.
كما يعتبر مرجعاً يمكن البناء عليه في الفترة الانتقالية لضمان المساواة بين السوريين كافة بمختلف قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم.
لكن ماسيثير الجدل أيضا بين العلمانيين والمجتمع المدني في حال تفعيل ذلك الدستور خلال الفترة الانتقالية أن مصطفى السباعي أول مراقب عام للإخوان المسلمين في سوريا كان عضوا في لجنة صياغة الدستور ودافع باستماتة عن مادة “الإسلام دين الدولة” في مواجهة المعارضين وقال وقتها إن الهدف من تسمية دين الدولة٬ منحها مسحة روحية وأخلاقية، تساعد في تحديد النظام والقانون، وأن المسألة عمليا مرتبطة بأكثرية السكان، وبما أن 90% من سكان سوريا مسلمون، يصبح الإسلام تلقائيا دينا للدولة.