رؤي ومقالات

الكاتبة مروة محمد مصطفى تكتب: عبقرية شعب وجيش

تعود ثقة الشعب المصري فى جيشه لأسباب عديدة أهمها إخلاص الجيش فى عمله للحفاظ على أمن واستقرار البلاد فى ظل الأوقات الصعبة، باعتباره حارس الوطن والشعب معًا بعد الله عزَّ وجلَّ، فهو جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر، إضافةً إلى تاريخه الطويل والمُشرف فى التصدى لأي عدوان خارجى.
فالجيش المصري هو أقدم جيش نظامى عُرف فى العالم منذ نجاح الملك الفرعونى نارمر بتوحيد الأقاليم المصرية، ويُعد الجيش والشعب وجهان لعملة واحدة هي “مصر”، ففى كل مرحلة يواجه فيها شعب مصر إحتلال أجنبي أو ظلم داخلي نجد أحد الأمرين إما أن يثور الجيش ويؤيده الشعب كما حدث فى ثورة عرابى عام 1881م الذى شارك فيها الشعب بكامل طوائفه مع الجيش بقيادة أحمد عرابى، وما حدث في ثورة 23 يوليو عام 1952م التى قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ورفاقه من ضباط الجيش المصري البواسل الذين حملوا أكفانهم على أيديهم كي يحرروا الوطن من الإستعمار والإقطاع والفساد وكان ذلك بتأييد الشعب المصري أيضًا.
أما الأمر الآخر هو أن يثور الشعب ويقف الجيش بجانبه لحماية إرادته وحماية كيان الدولة، مثلما حدث فى ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، وهذا ما يوضح لنا مدى التناغم بين حركتي الشعب والجيش.
وتعتبر حرب أكتوبر المجيدة من أقوى الحروب التى سطرت فيه قواتنا المسلحة أروع ملاحم البطولة والفداء لتحرير سيناء واستعادة الأرض العربية، فلقد بدأت الحرب في يوم 6 أكتوبر عام 1973م، بين مصر وسوريا من ناحية وإسرائيل والدعم اللوجستي من ناحية أخرى، والدعم اللوجستي هنا يتمثل في الإمدادات غير المباشرة، أو مشاركة الدول لحلفائها بالحرب عن طريق الإمداد بالمعلومات الإستخباراتية والتقنية، وقد يصل الدعم إلى الدعم المادى وبالأسلحة ولكن سرًا، وهذا ما فعلته أمريكا مع إسرائيل حينذاك.
فبالرغم من نجاح الجيش المصرى والجيش السورى في تحقيق تقدم كبير على الجبهات، إلا أن إسرائيل بدأت فى إلتئام جراحها، مع وصول إمتدادات عسكرية ضخمة إليها من الغرب، فلقد نقلت أمريكا إلى إسرائيل يوم 13 أكتوبر عن طريق الجو 28 ألف طن من أحدث الأسلحة والدبابات الأمريكية، فضلًا عن أنها كانت لا تمدها بالأسلحة فقط بل كانت تمدها بمعلومات مهمة عن تحركات الجيش المصري التى كانت تلتقطها عبر أقمارها الصناعية، وبالفعل استطاع الجيش الإسرائيلي أن يعمل عبور مضاد لقناة السويس فى منطقة الدفرسوار فى أواخر الأسبوع الثانى من الحرب، ولكن سرعان ما أستعاد الجيش المصري توازنه مرةً أخرى، ونجح فى إختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة.
بينما دمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التى قامتها إسرائيل في هضبة الجولان، وانتهت الحرب رسميًا بالتوقيع على إتفاقية فك الإشتباك في 31 مايو عام 1974م، ووافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهيئة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الإتفاقية.
فمن خلال هذه الحرب، فوجئت إسرائيل لأول مرة في حياتها بعمل عربي أخذ في يده زمام المبادأة، وكان الهجوم المصري ــ السوري منسقا بدرجة عالية من الكفاءة، فنجحت القوات العربية في تحقيق مفاجأة استراتيجية وتكتيكية حققت نتائج لم تكن في تقديرات إسرائيل، ويعد من أهم نتائج حرب أكتوبر هو استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جميع الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، حيث عمل وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر وسيطا بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة، ووقع الطرفان في ما بعد اتفاقية سلام شاملة في “كامب ديفيد” عام 1979م.
وفي ظل اليوم الذى تحتفل فيه مصر بنصر أكتوبر تكتسى جميع أنحاء إسرائيل باللون الأسود والرايات السوداء حزنًا على قتلاهم في هذه الحرب، فمن أهم نتائج حرب أكتوبر تحطم أسطورة أن الجيش الإسرائيلى لا يُقهر، وفي الذكرى الـ 51 من نصر أكتوبر العظيم، تتجدد الذكريات والانتماء للوطن واستمرار المسيرة نحو التقدم والازدهار.. فتحية إجلال وتقدير إلى أبطال حرب أكتوبر الأبرار، وكل عام ومصرنا الحبيبة بخير..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى