مريم محمد نعمي تكتب:من بوابة الشرق لبنان إلى فيلادلفيا الشرق سوريا
٧ أكتوبر كان يومًا غير عاديًّا على التقويم الزمني والتاريخي حمل معه العديد من الأحداث التي رسّخت نفسها في التاريخ العربي الذي لن يستطيع أن يطويه الزمن …لقد خطّ أبطاله مشهد من رفض الظلم وتحطيم كبرياء العدو الغاشم حيث اعتبره الكيان الصهيوني يوم أسود ووصمة عار .في تاريخه الدمويّ الحافل في الانتهاكات
ليبدأ نتنياهو بتنفيذ خطته الممنهجه لإبادة الشعب الفلسطيني وتدمير كل البنى التحتيه والعسكرية والبشرية في غزة وهنا بدأت معاناة الغزويين لقد حاول نتنياهو بواسطة أساليب القهر الدعائي أن يحاكي العمق العاطفي لدى الجمهور الإسرائيلي والغربي بواسطة وسائل الإعلام بتحريضها على بث الأكاذيب والفبركات وأظهر نفسه بصورة المظلوم أمام الشعوب من أن حماس هي من اعتدت عليهم وقتلت النساء وخطفت العديد من الرهائن المدنية، لكننا في عصر التكنولوجيا والتطور برغم الحصار الذي فرضه على قطاع غزة من انقطاع الكهرباء والإنترنت والغذاء استطاع بعض الصحافيين في غزة من نقل الحقيقة وفضح هذا العدو وإلقاء الحجة على العالم أجمع عن حقيقة هذا الوحش المتجسد بشكل إنسان ووضعه في مأزق أمام الشعوب وأمام المجتمع الإسرائيلي لتعم الخلافات داخل الحكومة الغاصبة ومع أهالي المختطفين ومع الحريدم الإسرائيلي الذي اعتبر أن التجنيد لدى “الجيش” الإسرائيلي .هي بمثابة موت لكل حريديم
وأمام كل هذه المعطيات وضعنا جميعًا أمام حقيقة أتت على هيئة صفعة على ضمائرنا ووجداننا لنسأل أنفسنا والمعنيين أين تطبق مادة حقوق الإنسان التي تم تدريسنا إياها لسنوات طويلة؟ أين هي حقوق المرأة والجمعيات النسوية أمام مظلومية المرأة الفلسطينية التي ظهرت أمام الكاميرا وهي تضرب في الشوارع وتحمل أشلاء أبنائها من بين الركام وتركض في أروقة المستشفيات للتعرف على جثث أطفالها وأقاربها ،أين هي منظمة الطفل والطفولة أمام كل ما عاناه هؤلاء الأطفال الذين فقدوا ذويهم وبقوا على قيد الحياة، أين هم أمام الأطفال الذين باتوا يفرحون في الشتاء ليشربون منه الماء كان هناك لكل فرد في غزة حياة وأحلام وأسماء باتوا عبارة عن أرقام مجهولة الهوية على الأكفان.
لم يترك العدو الإسرائيلي خيارًا أمام الشعب الفلسطيني إما الموت وإمّا الاستسلام …لقد دمروا العديد من البيوت بحرب إبادية مسحت أغلب العائلات من السجلات الوطنية حيث كان العدو خلفهم والبحر أمامهم …افترش الغزويين البحر ملجأ لهم فأحرقوا الخيام عليهم، لجأوا إلى المدارس فقصفت أيضًا وجميع أماكن إيواء النازحين، قصف المستشفيات بحجة وجود الرهائن تحتها وقتل العديد من الأطفال الخدج بسبب انقطاع الكهرباء ويعتبر نفسه أنه أكثر “جيش” أخلاقي في العالم..ساهمت هذه الممارسات في تحريك الوعي ووجدان الشعوب العربية والغربية فهبت العديد من المدن وشهدت الكثير من المظاهرات ضد الجرائم غير الإنسانية وغير الأخلاقية وطالبته في إنهاء حربه العبثيه لكنه استمر في وحشيته كلما قتل أكثر ازداد تعطشه لسفك الدماء لم يستطع أن يكسر أرادة شعب يعي جيدًا أن هذه الأرض له والقضية قضيته مهما كلفته من جراح حتى أنها لم تستطع أن تفرض على حماس شروطها لإنهاء الحرب وتسليم الرهائن بدون تحرير الأسرى من السجون وبقائه العسكري في القطاع .
في صباح ٨ من أكتوبر بدأت جبهة الإسناد اللبنانية لتقدم المقاومة الإسلامية قربانًا على طريق القدس أكثر من ٢٠٠٠ جريح وشهيد وجميع قادته من الصف الأول ليطلق رئيس الأركان هرتس هاليفي اسم سهام الشمال على العملية العسكرية الدائرة في الجبهة الشمالية في لبنان للضغط على أمينها العام من أجل فصل جبهة غزة عن لبنان والسماح لعودة سكان الشمال إلى منازلهم …بدأت الطائرات الإسرائيلية في اختراق الأجواء اللبنانية لتعلن عن بدأ صفحة جديدة من الدماء في كتابها الأسود الطويل لتهجّر العديد من الجنوبيين، ليقدّم بعدها لبنان إرثه الأغلى والأثمن سماحة السيد حسن نصر الله٧ أكتوبر كانت شعلة لفتيل الحرب في غزة ولبنان لقد تذرّع العدو بأحداث ٧ أكتوبر ليرسم خارطة شرق أوسطه الجديد لكن لبنان كان سدًّا منيعًا على تحقيق هذه المطامع إذ أنّ العدوّ الغاشم لم يتمكّن من الدخول إلى الخيام اللبناني وتحطم عنفوان لوائه غولاني تحت أقدام المقاومين الأحرار لتشرق شمس الخيام من عبق دماء هؤلاء الأبطال الذين جسدوا كل معاني التضحيات والتمسك بالأرض ورفض .الاحــتلال
وما أن دخلت اتفاقية وقف إطلاق النار حيّز التّنفيذ حتى تحركت الجماعات المسلّحة في سوريا الممولة من تركيا وأمريكا و”إسرائيل” ومع تورط العديد من الضباط السوريين الكبار في الجيش السوري مع الأنظمة التركية التي أعطت أوامر للجيش في التسليم وعدم القتال، تم تسليم سوريا للجماعات التكفيرية المسحلة لتقع البلاد في أحضان نتنياهو نظرًا لإعلان العدو فك اتفاقية الاشتباك بين سوريا الكيان الغاشم، (وهي اتفاقية موقعة في ٣١ مايو ١٩٧٤) واضعًا الاتفاقيات .الدولية والمجتمع الدولي في خانة الشك
بعدها بدأت “إسرائيل” بتثبيت قواعدها ونشر جيشها الغاصب في جبل الشيخ والعديد من المناطق السورية حتى وصلت إلى أطراف دمشق ودمرت كل قدراتها العسكرية لتجعلها دولة مدمرة بدون أسلحة أو قدرات لتدخل في مرحلة من الفوضى العارمة والاحتضار الجديد بعد مرور ١٤ عامًا من القتال الدموي بين أبناء البلد الواحد
مما لا شك فيه أننا أمام مرحلة جديدة وتغيرات ديمغرافية وسياسية وربما تقسيمات مناطقية وطائفية طارئه تتطلب منا الحذر والتأمل قبل التسرع في الحكم على المشهد السوري الذي يشهد الآن مماراسات غير إنسانية وأخلاقية وشعارات وهمية منها “سورية حرة”…كيف تكون سوريا حرة وأجزاء من أراضيها باتت في قبضة العدو الإسرائيلي؟
وسقطت آخر القلاع العربية القومية ليعلن بعدها العدو أنه أمام فيلادلفيا شرقه الجديد.كيف تكون سوريا لجميع أبنائها ونشهد الشد العصبي والتعصب الطائفي وعدم احترام الأديان والطوائف ومقدسات الآخرين واستضعاف الأقليات؟ لقد بقي السوريون في مجالهم النفسي الاجتماعي ….ألم يكن حلمهم أن يكون ياسمين العرب عابقًا بالانفتاح والازدهار والتماسك والالتحام بين أبناء البلد الواحد…لقد كانت الممارسات للنظام السابق تحت ذريعة الانتماء للجماعات المسحلة والآن نرى نفس الممارسات تحت عنوان فلول النظام…لماذا لم تتعلم سوريا من كل ما جرى عليها؟ أم أن حقدهم على النظام السابق أعمى أعينهم عن الخطر المحدق بهم الذي ينتظر الفرصة المناسبه ليخلع بدلته المهندمة ويضع مخالبه على الشعب السوري بأكمله…هل نحن أمام طالبان جديدة؟ وهل تتحول الساحة من أفغانستان إلى سوريا؟
ويبقى السؤال الأهم الذي يحتاج إلى عمق ووعي في قراءة المشهد السياسي: من المتسفيد من كل هذه التقسيمات؟ ألم يعد نتنياهو بحاجة لأن يقحم نفسه في الحرب بشكل مباشر أم أنه اختار أن يحارب العرب بالعرب وسط صمت مذهل من جميع الأنظمة العربية وتسليمها المطلق أمام جميع سرديات العدو وهل تنشيط هذه الجماعات سوف يساهم بتنشيط الأخوان المسلمين في مصر والأردن وسط حذر سعوديّ، ويساعد “إسرائيل” لتحقيق أهدافهابأنها من الفرات إلى النيل؟