فيس وتويتر

فراج إسماعيل يكتب :كيف يكون الصحفي صحفياً

كيف يكون الصحفي صحفياً؟!.. الإجابة بسيطة وصعبة في آن. في عصر الإنترنت والتواصل الرقمي عليك أن تقبض على فريستك .. وهو المصدر.. كالقابض على الجمر.
وهكذا قبضت BBC بخبراتها المتراكمة على مصادرها في قلب المبنى المكون من طابقين في الدوحة. كان بعض المفاوضين هم مصدرها حيث كان وفد حماس في الطابق الأول ووفد إسرائيل في الطابق العلوي.. وبين الطابقين جرت دبلوماسية السلالم. وسطاء مصريون وقطريون وأمريكيون.. يصعدون وينزلون ويصعدون بالوثائق والمستندات والخرائط والتعديلات والاقتراحات.
مع شعوره بحدوث انفراج، وصل إلى الدوحة على وجه السرعة الوسيط المصري اللواء أحمد عبد الخالق الذي يشرف على الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية. وبعد اجتماعه مع ممثلي حماس، حصل على تأكيد بأن المجموعة ستقدم ما وصفه مسؤول كبير في حماس بأنه “تنازلات مؤلمة”.
كانت شفرة التوصل إلى الصفقة تسمى “المفاتيح”. مفتاح يصعد ومفتاح ينزل .. وكلما فتح المفتاح باب العقبة وحلها.. يمسك الوسطاء بمفتاح آخر.
قال مسؤول أمريكي: “هناك معادلة لعدد السجناء الفلسطينيين الذين يخرجون. بالنسبة للمجندات هناك مفتاح. وبالنسبة للذكور المسنين، هناك مفتاح. وبالنسبة للنساء المدنيات، هناك مفتاح. تم الانتهاء من كل شيء وتمت تسمية السجناء، مئات السجناء في القائمة”.
ملف التبادل في المفاوضات أسرى فلسطينيون مقابل رهائن لدى حماس – أصبح يعرف باسم “المفاتيح”.
قام الوسطاء بتمرير قطع من الورق بينهما. تم نقل خرائط مقترحات انسحاب القوات الإسرائيلية والتفاصيل حول الرهائن أو السجناء الذين تمت صياغتهم للإفراج عنهم ذهابًا وإيابًا.
داخل المبنى ، التقت الوفود بشكل منفصل بشخصيات رفيعة المستوى من قطر ومصر. وكان من بين المشاركين عن كثب في التفاصيل رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
تم العمل على مجالين حاسمين في المراحل النهائية من المحادثات: قوائم إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس والسجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، والمواقف المتعلقة بانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة خلال المرحلة الأولى.
قبل اللحظة الحاسمة كانت BBC على تواصل بأكثر من مصدر. وتيقنت من اقتراب اللحظة عندما أخبرها مسؤول مصري كبير: “نحن على أقرب نقطة للتوصل إلى اتفاق”. وتم التوصل إلى اتفاق بشأن 90% من القضايا العالقة، لكن الأمر يتطلب المزيد من المحادثات.
تحركت قرون استشعار الصحفي عندما تم إرسال ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب المعين مؤخرًا للشرق الأوسط، إلى تل أبيب للقاء نتنياهو. على الرغم من أنه لم يتول منصبه رسميًا بعد، إلا أن قطب العقارات في نيويورك أصبح يشارك بشكل متزايد في المحادثات.
عندما وصل رجل ترامب في الشرق الأوسط إلى إسرائيل في 11 (يناير)، كان ذلك يوم السبت.
وطُلب من ويتكوف الانتظار حتى انتهاء السبت لأنه يوم مقدس عند اليهود قبل أن يلتقي بنتنياهو، لكن المبعوث رفض، في خرق للأعراف، وطالب بلقاء رئيس الوزراء على الفور.
ويبدو أن نتنياهو تعرض لضغوط شديدة خلال الاجتماع، ويبدو أن تدخل معسكر ترامب لحمل الحكومة الإسرائيلية على التخلي عن تحفظاتها النهائية كان حاسما.
اتجهت قرون استشعار الصحفي إلى تل أبيب.. ومن هناك عرف أن الاجتماع كان مشاكسًا وكانت الرسالة الموجهة إلى نتنياهو من الرئيس القادم واضحة: ترامب يريد التوصل إلى اتفاق .. قم الآن بإنجازه.
في القضايا المعقدة يتعرض الصحفي لمصادر مجهلة، لا تريد ذكر اسمها، وهو يحترم ذلك. ، قال له مسؤول إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته، إنه كان “اجتماعا مهما للغاية”.
تابعت عينا الصحفي ويتكوف عندما عاد من تل أبيب إلى الدوحة. بقي في المبنى مع المحادثات، وقضى بعض الوقت مع مبعوث بايدن السيد ماكغورك، فيما وصفه مسؤولان أمريكيان بأنه جهد انتقالي “غير مسبوق” في الدبلوماسية الأمريكية.
عرف الصحفي أن الساعات الـ 72 الأخيرة من المحادثات حاسمة وتشهد جدلاً مستمرًا حول النقاط الدقيقة لكيفية تنفيذ الصفقة.
حاسته قادته إلى مصدر قريب من المفاوضات فعرف منه أن الجدل يتعلق بالتوصل إلى “ترتيبات لوجستية” بشأن كيفية إطلاق سراح الرهائن في غزة وتحركات انسحاب القوات الإسرائيلية.
في 12 يناير، أخبره مسؤول فلسطيني كبير مطلع على المفاوضات: “جميع المسؤولين هنا في نفس المبنى”…”الليلة حاسمة. نحن على بعد خطوات قليلة فقط من التوصل إلى اتفاق”.
استمر هذا الاجتماع ست ساعات، ولكن كما حدث في كثير من المرات السابقة، تم الوصول إلى طريق مسدود.
الخلاف الذي نشأ هذه المرة كان حول آلية عودة النازحين من جنوب غزة إلى شمالها.
أرادت إسرائيل تفتيش العائدين ومركباتهم للتأكد من عدم نقل أي مسلحين أو معدات عسكرية، وهو ما رفضته حماس.
واقترح الوسطاء أن تقوم فرق فنية قطرية ومصرية بإجراء عمليات البحث بدلا من ذلك. اتفق الجانبان وتم حل إحدى حالات الجمود الأخيرة المتبقية.
وفي 15 يناير، بعد الساعة 18:00 بقليل، كتب أحد مفاوضي حماس رسالة إلى الصحفي: “كل شيء انتهى ويجري تجهيز المنصة لإعلان الصفقة”.
الصفقة كانت مهددة بالفشل حتى قبل عشر دقائق فقط من خروج وزير الخارجية القطري إلى المنصة وإعلان توقيع الاتفاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى