سافرتُ……بقلم عبد الرحمن القشائي

سافرتُ..
هربتُ ..وبكل ما أوتيت من قوة، انحرفتُ عن الطرق المألوفة، تجولتُ بلا هدى، نمتُ على الأرصفة، وصادقتُ السّفلة والمحترمين على السواء.
صلّيتُ مع بعظهم العصر جماعة في المسجد ، وسهرتُ حتى الصباح مع آخرين…في الحانة!
أنا الذي لم أتعثر قط إلا في حمام البيت،
خضتُ دروبًا لا حصر لها، وسافرتُ في محيط من التجارب..
جربتُ كل شيء:
أبحرت بين الأفكار والفلسفات، تلاطمتني البحوث والدراسات،
وتصادمتُ مع الأيدلوجيات المتعددة، وتنفست غبار المكتبات..
عرفتُ المعارك بالرشاش، وتلك التي تُدار بالحروف
اقتبستُ من الفلسفات الغربية وتأملتُ القيم الإنسانية،
حتى تهاوت كلها أمام قسوة الواقع..
أدركتُ أن تفسير الحياة لا يُختزل في نظرياتٍ جوفاء أو أفكارٍ مروجة..
الحياة ليست معادلات فكرية، بل معركة تفاعلية مع الألم،
مع الصمود والمعاناة التي تنجب القوة الحقيقية..
تعلّمتُ أن التاريخ يعيد نفسه دائمًا:
كل فعلٍ نبيلٍ يثمر نُبلًا،
وكل طغيانٍ نهايته إلى زوال…
الحياة والحقيقة ليستا في الأجوبة الجاهزة، ولا في الفلسفات المعلّبة،
بل في الفهم العميق لقيمة الصبر،
في الإيمان الذي لا ينهار،
في الكرامة الإنسانية التي تقف شامخةً أمام كل مغريات العالم..!