دقات أجراس الخطر تزعجنى.. دون مبالغة.. أصبحت ترعبنى!!
أخبار متواترة تثير الخوف والألم.. وقبل أن أتوقف عندها, يلزم التوضيح أن عدم نفى وقوع جريمة مأساوية يؤكد أن ما حدث هو خبر بالضرورة.. هكذا علمنا وتعلمنا من علم الإعلام.. كما علمنا وتعلمنا أن الشائعات تتكاثر, إذا غاب الإعلام!!
محام يطعن ضابط شرطة, داخل فرع بنك فى “الفيوم” ليسقط قتيلا!!
مواطن يعتدى على جاره, ويقطع رأسه فى “الأقصر” ويتداول الرأى العام الواقعة – صوتا وصورة – عبر كاميرات المواطنين مع تفاصيل تحمل نار تحت الرماد!!
إشتباك بين فتيات, داخل مدرسة.. ويتم نشر تفاصيل ما حدث – صوتا وصورة – وما يثير العجب إلى حد الذهول.. أنهن من بنات ما يسمى المجتمع الراقى.. مسرح الحدث كان مدرسة تضم أبناء من نطلق عليهم النخبة.. هنا ضع من عندك ما شئت من علامات التعجب.. ولو أنك صرخت بعد ما علمنا أن إحداهن سقطت مصابة بجروح وكسور.. فهذا طبيعى.. باعتبارنا مجتمع ينظر إلى أولئك الذين نسميهم “أولاد الناس” بتقدير, وهم يختلفون تماما عن “أولاد الأصول” لأن الفرق بين كليهما كما الفارق بين السماء والأرض.. حدث ذلك فى “التجمع” حيث يسكن الخائفين من الذين يحقدون عليهم خارج أسوار “الكومباوند” كعلامة على تميز سكانه!!
شاب فى عمر الزهور, يعتدى على زميله بآلة حادة فى الإسكندرية.. حدثت الواقعة بمنطقة “كفر عبده” الراقية, والمعروفة بأن سكانها من “إيجبت” كما شاع فى الإشارة إلى “أولاد الناس” وهو توصيف مبدع وكاشف لعبقرية “الشعب المصرى الشقيق” الذى يبحث عن فهم لما يدور حوله.. وضاعف أحزانى أن المصاب إبن الزميلة “أمل سرور” الصحفية بالأهرام, وأن الذى ارتكب الجريمة إبن شخصية مرموقة!!
ضبط تنظيم عصابى يتاجر فى الأعضاء بمدينة “طنطا” ويضم عشرات من الأطباء وأطقم تمريض إضافة لعدد من كبار صغار الموظفين!!
تتناول الشائعات “صحفى” متهم بنشاطه فى عمليات “غسيل الأموال” وتلاحقه أجهزة أمن أوروبية.. ويتردد أنه يتلقى ملايين من جهات مهمة ومعلومة بالضرورة داخل مصر!!
كثرت الشائعات – أؤكد أنها شائعات – تتناول مسئولين كبار داخل دائرة الفساد الواسعة.. أما الأخبار فتؤكد أن رئيس الوزراء – كبير عيلة مدبولى افندى – قرر تشكيل ما يمكننى وصفه بأنه “حكومة ظل” تضم “رجال مال” معظمهم سبق اتهامهم جنائيا.. ودون أن نفهم إذا ما كانت تلك خطوة نحو “خصخصة الحكومة” أم لاسترضاء هذه “القطط السمان” اقتصاديا كما سبق أن أطلق عليهم الدكتور “رفعت المحجوب” فى نهاية السبعينات.. قبل أن تطل علينا “قطط الصهيونية السمان” لمواجهة “طوفان الأقصى” كفعل نضالى ومقاوم بإجماع أصحاب العقول السوية فى العالم!!
المثير.. قل المذهل.. أن الفرق بين الأخبار المعلومة بالضرورة, والشائعات أصبح أمرا صعبا.. ربما هذا الغوص يصيب أمثالى من “السذج” الذين لا يصدقون غير ما يتم تأكيده.. فقد علمنا وتعلمنا فى قاعات درس علم الإعلام, أن الشائعات تتكاثر إذا غاب الإعلام!! ولما كان عقلى قد استعصى عليه فهم أن وزيرا للتربية والتعليم لا يحمل مؤهلات.. خاصة أنه أقسم اليمين الدستورية باعتباره يحمل درجة الدكتوراه.. ثم صدر توجيه أو قرار بأن يتم الإشارة لإسمه بوصف “السيد” بعد التأكد من أنه لا يحمل الدرجة العلمية الرفيعة.. وأمثالى مصابون بمرض “عسر الهضم” أصبح مزمنا بسبب أخبار تتناول “نجوم المرحلة” من أمثال “نخنوخ” و”العرجانى” و”الصافى وهبة” إلى آخر القائمة التى تضم “أراجوزات الإعلام” المعروفين بتصنيفهم ضمن “ماركة سامسونج” ومعهم “قطط الصهيونية السمان” من “عيال أمريكا” الذين أصبحوا نافذين ومتنفذين.. وهنا أتوقف أمام إشارة واجبة.. فكل من يقرأ يعرف أن أشهر خونة العصر الحديث إسمه “الجنرال بيتان” وقد كان أحد أهم أبطال “فرنسا” فى الحرب العالمية الأولى.. ثم اختار توقيع “صك استسلام” بلاده للنازى “هتلر” ووافق على أن يكون “رئيس حكومة فيتشى العميلة” كما أصبح محل إجماع.. وتحفظ التفاصيل كتب التاريخ والذاكرة الوطنية الفرنسية.. ولو شئت تفاصيلا أكثر يمكننى أن أحيلك إلى كتاب “عليكم السلام” للأستاذ “محمود عوض” الحاضر دائما رغم غيابه!!
أحاول التقاط أنفاسى خلال الكتابة وسط حقول ألغام.. أختار التوقف عند “إبن خلدون” صاحب المقدمة ومؤسس “علم الاجتماع” فهو القائل: “الشعوب المقهورة.. تسوء أخلاقها.. وكلما طال تهميش إنسانها.. يصبح كالبهيمة.. لا يهمه سوى اللقمة والغريزة”.. ولو أنه كان حيا بيننا ربما طالته اتهامات “ترويج شائعات والانضمام إلى جماعة محظورة” كما حدث لأصحاب ضمائر وطنية من أمثال: يحيى حسين عبد الهادى, وسيد صابر, وعبد الخالق فاروق, وأشرف عمر, وأحمد سراج المتهم بإجراء حوار مع الفاضلة زوجته!!
أخشى الإشارة إلى مسألة عذبتنى كثيرا.. الحكاية كانت خارج مصر.. فقد عشت مندهشا أمام عدم اكتراث الشعب السورى بتدمير جيشه.. عدم التفاته إلى بعثرة الشرطة.. لم تأخذهم رجفة لانهيار نظامهم القضائى.. بل أنهم لم يشغلهم أن يحكمهم “إرهابى” حسب توصيف الأمم المتحدة, وتصنيف “واشنطن والذين معها” من الذين يباركونه حاليا ويتسابقون للقائه ومباركته!! كل ما يهمنى فى الأمر هو “الشعب السورى” الذى تقبل هذه الكوارث فى هدوء يصيب العقل بحالة شلل.. لكن تفسيرا وحيدا اهتديت إليه.. لا مانع من أن أبوح به.. فهذا شعب عاش لأكثر من نصف قرن “مقهورا” تقمعه أجهزة النظام بالجيش والشرطة والقضاء والإعلام, قبل إضافة ما يسمونه عندهم “الشبيحة” ونطلق عليه فى مصر “البلطجية” وكانوا يثيرون الاشمئزاز!!
وجدت عند “إبن خلدون” ما يفسر اللغز, ويجعلنى مذعورا فى الوقت نفسه.. فقد قال صاحب المقدمة: “عندما تنهار الأوطان.. يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدعون والقوالون والمتصعلكون.. كما يكثر ضاربو المندل وقارئو الكف والطالع.. ويكثر المتسيسون – ركام الساسة – والمداحون والانتهازيون.. فيختلط ما لا يختلط.. يختلط الصدق بالكذب.. والجهاد بالقتل.. ويسود الرعب.. ويلوذ الناس بالطوائف.. ويعلو صوت الباطل, ويخفت صوت الحق.. يموت الأمل.. وتزداد غربة العاقل”!!
تذكرت “ابن خلدون” لأن الجرائم التى وقعت تفسيرها وعلاجها لدى علماء الاجتماع.. وليست صدفة أن الدكتور “أحمد زايد” رئيس مكتبة الإسكندرية, واحد من أبرز هؤلاء العلماء.. لكنه صامت.. إستراح على وضع “الطيران” فى أجهزة المحمول!! رغم أنه وغيره من علماء الاجتماع يجب أن يكونوا الأعلى صوتا.. لكننى وجدت علماء ينشرون عبر مواقع “التواصل الاجتماعى” مقالات لا يجوز وسفها غير أنها “هذيان” لمجرد وعود بالفوز بمنصب هنا أو هناك.. ولا مانع من حفاوة الذين تحدث عنهم “ابن خلدون” بما يفرغونه من جوفهم!! دون داع لأن أذكركم بالتلميذ الشاطر فى الاقتصاد, الذى قطع بأن الدولار لن يصل سعره إلى عشرين أو خمسة وعشرين جنيها.. وقد طار الدولار “فوق عش المجانين” دون أن يتعرق.. وهو مفترض أنه نائب عن الشعب.. وأمثاله كانوا مئات يصفقون للرئيس “الهارب” بشار الأسد.. ومئات كانوا يهتفون للرئيس “الهارب” زين العابدين بن على.. غير مئات من أمثاله فازوا بثروات طائلة لدعمهم “القذافى” و”على عبد الله صالح” و”البشير” ويعيشون داخل “بيوت الخوف والعار” عكس ما حدث فى مصر.. فنحن عندنا نلعن “ثورة 25 يناير” صباح مساء.. لا يهمنا أن الدستور يذكرها بتقدير.. يلعنها “أراجوزات الإعلام” ويرونها سبب الخراب وفساد العباد.. ثم أقرأ أخبارا وليست شائعات تذكر أن رئيس الوزراء ورئيسا مجلسى النواب والشيوخ, وغيرهم من كبار رجال الدولة.. يقدمون أسمى التهانى لفخامة رئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى “ثورة 25 يناير” ومطلوب من الشعب أن يهتف “تحيا مصر” فى الحالتين على طريقة “محجوب عبد الدايم” العائد بقوة مع أحفاده!!