وحيد عيادة يكتب : أمهات الجاكوزي vs أمهات جبنة قريش !

في مدرسة دولية “فاخرة” في القاهرة، تحولت الحصص الدراسية إلى حصص ملاكمة، وانتهت إحدى الطالبات بكسر في الأنف! نعم، كسر في الأنف وليس في الدرجات أو في الاقلام… يا له من “تقدم” في المناهج التعليمية! المشهد ليس مجرد حادثة، بل هو صورة مصغرة و كأنه فيلم كوميدي يعكس التطور الدراماتيكي في مفهوم التنافس العلمي .
الأهل : بين الجاكوزي و الجبنة القريش !
لنبدأ بأمهات المجتمع الراقي، أو كما يُطلق عليهن “سيدات الجاكوزي”. هؤلاء الأمهات يعشن في عالم موازٍ، حيث الجلسات في السبا spa أهم من جلسات متابعة التحصيل الدراسي و الواجبات المدرسية. يومهن يبدأ بجلسة “مانيكير” وينتهي “شوبنج” في مولات القاهرة الفاخرة. البراندات العالمية هي شغلهن الشاغل، وكأنهن في مسابقة دائمة لعرض “من هي الأكثر أناقة”.
و المشكلة أن الآباء مشغولون بجمع الملايين و كأنهم في سباق ماراثواني مع( النعمة ) حيث يعتقدوا أن تربية الأبناء تعني شراء أحدث الأجهزة الإلكترونية وإلحاقهم بأغلى المدارس الدولية. لكن يبدو أنهم نسوا أن التربية تحتاج إلى وقت وحضور، وليس فقط إلى “فيزا كارد” بلا حدود. و النتيجة؟ طالبات يكسرن أنوف بعضهن بدلاً من كسر الأرقام القياسية في العلم.
و في الجانب الآخر أمهات الطبقة البسيطة: بين الجبنة القريش وحزم الجرجير ..
نجد أمهات الطبقة البسيطة، أو كما يُطلق عليهن “سيدات جبنة قريش”. هؤلاء الأمهات يعشن في عالم آخر، حيث الهم الأول هو كيف يُحضرن وجبة لأولادهن من “قفة جبنة قريش” أو “حزم جرجير”. يومهن يبدأ في طوابير الخضار وينتهي في المطبخ، حيث يحاولن تحضير وجبة بسيطة بأقل التكاليف.
هؤلاء الأمهات يعرفن معنى التضحية، و يحلمن أن يعود الأب بمرتب يكفي بالكاد لإعداد الوجبات و ربما لو تمكنوا من شراء كيلو موز ستكون كجائزة اضافية للاولاد !
المجتمع: بين الجهل والارتطام
مجتمعنا أصبح يعشق الجهل، وكأنه في علاقة عاطفية معه. القدوة و النجوم في هذه الحقبة ليسوا علماء أو أدباء، بل لاعبو كرة ورقاصات وفنانات، والآن “بلوجرز” و”تيكتوكرز”. يبدو أننا قررنا أن نصبح أمة تعبد “النصف الأسفل من الجسم”!
الخلاصة: استعدوا للارتطام فالسيارة ترجع إلي الخلف!
ما حدث في هذه المدرسة ليس مجرد حادثة، بل هو صورة لمستقبل مجتمعي قادم. مجتمع فقد مفهوم التربية والتعليم، وأصبح يعيش على وقع “الشتائم التي يعف اللسان عن ذكرها”.
فكما قال الله تعالى: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ…”.
فهل نعي الدرس أم سنستمر في الارتطام؟
استعدوا… فالجهل قادم!
إلا إذا ……….؟!!