كتاب وشعراء

ساعات الصبر …… بقلم // ضحى الخزامى // سورية

ساعات الصبر
هذيان تحت الأنقاض
طفل وأمه

أمي: لأول مرة تنامين قبل أن تروي لي
حكايا ما قبل النوم

الفصل الأخير
تسرب الدفء إلى باطن الأرض
الأطراف باردة

أمي: كم أنتِ حنونة
تنام الأرض ملء جفونها بدفءِ جسدكِ

حوارٌ مع الموت
لذيذ الذكريات
الهذيان الأخير

أمي: لطالما وعدتني ألا يغمض لكِ جفن – إلا وأنا بين ذراعيكِ أغفو
أما زلتِ على العهد

طفولةٌ قاسية
من الحروب إلى الزلازل
أحضان اليباب مفتوحة

أمي: لا تحزني، هناك خيمةٌ بانتظارِنا
هناك لنا خيمة

زنبقة سوداء
تبرعتْ بعبيرها
لأطفال الزلزال

أمي: خلعَ الورد أثوابه
وارتدى لون الحداد

معالم الإنسانية
داخل كل قلب
بذور الرحمة

أمي: استيقظي
لقد تبرع العالم لنا بمشاعره

بانوراما الحزن
جربوا كل انواع الموت
اللاجؤون السوريون

أمي: لا تخافي ، لسنا وحدنا
إنها مقبرة جماعية

هسيسُ الحنين
ينخرُ المسافات
على الشرفة- ظلّتْ أزهار أمي!

أمي: من سيسقي الورد
ومن سيغني” عمي يا بياع الورد – گلي الورد بيش گلي؟!

تروي السماء بقطرها
قلوب الورد
يا سماء جودي بقطر الندى وبدمعكٍ

مُكبّلةٌ تحت الأنقاض
جفَّتْ أوصالُ زهرتي

أديمُ ليل
يحجبُ نور القمر
آلامٍ سافرة

أمي: لِمَ اعتذر القمر عن الحضور؟
آهٍ .. لو أن للركامِ شُرفة يطل منها القمر!

خسف القمر
ردماً
بات فراش الأطفال الوثير

آهٍ يا صغيري: كتب القمر في مُذكراته
” جدران الردم تمنعني من مُداعبة أحلام الصغار”

فوق الأنقاض
أُصص الورد
حديث الشرفات

أمي: بصوت ربة المنزل – يغني – ببغاء تدلى بقصٍ على الأطلال
” يا ورد مين يشتريك”

في خدر المنايا
تتشظى الأحلام
بعيون الموت- أرى وطني

أمي: تلوَّنَ الدُجى بأضواء سيارات الإسعاف
قوافل الجنائز – على بابِ الهوى تقفِ!

على الحدودِ
تتجاذبُ الجثامينُ
أطراف الحديث

أمي: ناحتْ انطاليا فاجعة جندريرس، وبكتْ سرمدا كهرمان مرعش
على الخدّين لطمتْ حلب- مُصابنا واحد

حبلُ سرّي
بمديةٍ حجرية قُطِعَ
مخاضٌ تحت الأنقاض

بُني: مازال رحم الأرض يُنجبُ أجنة الأمل
حياة بعد موت

على الجدران
تراشقتْ دماؤه
قرنفلٌ بلون الحب

أمي: أيُّ فاجعةٍ
حلّتْ بربيعِ الورد

صدى الأنين
أوبرا تحت الأنقاض
تعلو وتخفتْ ثم تضمحلُ

أمي: أما زلتِ تسمعيني؟
غادرَ أنينكِ مسمعي، عساه خير؟

بصوتٍ خافت
” يُغالبني النعاسُ ويسرقُ صدى أنيني
ملاك أبيض بجناحين”

نم يا صغيري
نم طويلاً- قرير العين

شوقٌ للسلامة
بين أخر اللحظات
هواجس مبعثرة

أمي: خيط رفيع يتلاشى
الأمل يُحتضر

براءة الملامح
مُكللةٌ بالركامِ
ايماءات عتب

أيها العالم- لقد رحلتْ أمي في وقتٍ مبكر
ما حاجتي بعالمٍ بلا أم؟!

خوذٌ بيضاء
تنتشل الأنين
أطفالٌ على قيدِ الألم

أمي: أعدكِ سنبقى معاً ولن يفرقنا الموت
فقط- يدي أمسكي!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى