كتاب وشعراء

عصف الحروف بقلم/ عايدة حسب الله

بيني وبين حرفي تناسق، أحبه ولا يخذلني،
دائمًا أجده يسندني، وكلما ناجيته أتاني على عجل، وكأنه يدرك أني أحنو عليه.

والناظر إلى حروف الضاد يحتار؛ فالحروف نفسها، لكنّ منا من يستخدمها عند الحزن، فتستجيب له طواعية، وكلما كان المستخدم حريفًا ومجيدًا للغة الضاد، كانت الأحرف بين يديه عجينة لينة هينة طائعة بين أنامله، تنقل لواعج الحزن بكل احترافية.

ثم إن الحرف سلطان المشاعر؛ إن وافقك فقد أجدت، وإن عاندك فقد خسرت، وصارت كلماتك باهتة جوفاء لا معنى لها.

وأما إن كانت تخص الفرح، فإنها تقفز بك في باحات الأمل، وتتقافز وكأنها نوع من المطاط، تبعث الحياة في نفسها، وتخالها – من فرط اتساقها – وكأنها تحادثك.

وحروف الحنين تتلون بين اللوعة والشوق، بين مرارة البين وحلاوة اللقيا، تصل بك إلى ذروة الشعور، وكأنك صاحب جناحين يحلقان بك بين قمم وسفوح الجبال، وبين طيات السحاب.

وعلى كل حال، فإن المتحكم والمتسيد للموقف هو أنت ومدى براعتك، فكم من حروف حية تغمرك حسًّا أليفًا، وكم من حروف تكسبك حسًّا حزينًا.

وقد عاهدت حرفي أن نظل صديقين، يؤثرني وأعتنقه.

ترجم كل ما بك، فإن السكوت مؤلم حينًا، ويمرض حينًا آخر، لكنه في بعض الأحيان يذيقك مرارة البوح.

فاعتدل وأقسط في حرفك، ولا تبذله كل البذل، ولا تحتقره، ولا تطنِبْ به في موضع الإيجاز، ولا تُوجِزه في موضع الإطناب، ميزْ، واخترْ، وارسمْ، واشحنْه بالعاطفة، يتحوّل حديثك إلى واحة…

عايدة حسب الله محيي الدين

ـــ

زر الذهاب إلى الأعلى