عمار علي حسن يكتب :معنى أن تكون “زيزو” أو تكون “والده”

زاملني والد اللاعب الموهوب المجتهد “زيزو” في مدرسة المنيا الثانوية العسكرية، وكانت السيدة أخته متزوجة من مدرس اللغة العربية الأستاذ محمد، الرجل المتمكن الخلوق جدًا. كان مصطفى، والد زيزو” مشغولًا بكرة القدم، وكان يلعب في فريق المنيا، فيأتي إلى مدرستنا كل يوم ومعه حقيبة التدريب إلى جانب حقيبة المدرسة، وما إن ينتهي اليوم الدراسي حتى يسارع إلى النادي، وكل أمله أن يظهر في صفوف فريق المنيا ويبزغ نجمه، ويلتقطه النادي الأهلي، مثلما التقط “حمادة صدقي”، فقد كان مصطفى أهلاوي، لا يخلو من تعصب، كما أتذكر، مع أنه كان وديعا وصبورا، لا يقابلك إلا بثغر مبتسم.
لم يستطع مصطفى أن يكون ما يريد في عالم الكرة، رغم الجهد الذي بذله، وهو لم يكن من المعولين على التعليم وسيلة لحراك اجتماعي، فوضع أمله في ابنه، والأب الحقيقي يتمنى أن يكون ابنه أفضل منه، حتى صار الابن لاعبًا موهوبًا، فهرع به أبوه إلى النادي الأهلي، كما سمعت من بعض المحررين الرياضيين، لكن سماسرة الفريق، رفضوا زيزو، كما رفض واحد من النادي الزمالك ذات يوم صلاح وقال إنه لاعب محدود الإمكانيات.
ذهب زيزو إلى الزمالك، وهناك قاتل حتى عض الأهلي أصابع الندم، وكسب منتخب مصر لاعبًا من طراز العظيم حسن شحاته، يدرك أن الموهبة دون مثابرة وبذل جهد، تتآكل بمرور الوقت، وتذهب سدى.
هذه حكاية أقصد بها ما أهو أبعد وأعمق من “كرة القدم”. إنها تصلح مثلًا عامًا في كل مجال. مثل عن الموهبة والجهد، وعن حلم الأب الذي يحققه في ابنه، وعن الإصرار والمثابرة، وعن المجتهد الذي يجب أن يكون له نصيب.
أقول هذا، وأنا ممن كتبت ونصحت قبل ذلك، أنه يمكن توظيف الرياضة في الارتقاء بقيم وأخلاق شباب يتعلق بها أكثر من أي شيء آخر.
موضوع زيزو يقدم نموذجا مهما في ذلك، بعيدا عن التجاذبات والمناكفات والمشاجرات والتنابذ والتناحر والإحن التي يثيرها المتعصبون من هنا أو هناك.