رؤي ومقالات

مصطفي السعيد يكتب :عندما تقول الصين “سنقاتل أمريكا حتى النهاية”

الصين معروفة بتحفظها في البيانات والتصريحات، والدراسة المتأنية لأي قرار، لهذا عندما ردت على قرارات ترامب بفرض ضرائب جمركية على صادراتها بإعلانها “سنقاتل حتى النهاية”، فهي تعني أنها جاهزة للحرب التجارية ولأي مدى يمكن أن تصل إليه، بما فيها إحتمال حدوث حروب أوسع، تشمل القطاعات المالية والإقتصادية والسياسية، وأيضا العسكرية، فكيف استعدت الصين لهذه المعركة التي تبدو مصيرية، ليس للصين وحدها، وإنما لكونها ستعيد رسم خرائط وموازين القوى في العالم. على صعيد الحرب التجارية، استعدت الصين بتوسيع نطاق تحالفاتها، وكانت قد بدأت تنويع أسواقها، وخفض الصادرات للولايات المتحدة، لكن الأهم أنها تستطيع استيعاب فوائضها الإنتاجية داخل سوقها الضخم، وتقديم تسهيلات إئتمانية لمواطنيها، ترفع معدل الإستهلاك، خاصة أن عدد الطبقة المتوسطة في الصين يزيد عن عدد سكان الولايات المتحدة، وتخطط لتوسيع الطبقة الوسطى، مع تقدمها التكنولوجي. أما على صعيد رد الضربات فهي تدرك أن حاجة الولايات المتحدة للصادرات الصينية هامة للصناعات الأمريكية، التي تعتمد على مكونات وأجزاء صناعية صينية للكثير من الصناعات الأمريكية، وأن خسائر الولايات المتحدة من وقف الإستيراد تفوق عوائد الصين من تصديرها، وفي المقابل فإن وارداتها من أمريكا من السهل جدا إيجاد بدائل لها، فهي عبارة عن بترول وغاز أغلى مما تستورده من روسيا أو إيران، ومنتجات زراعية مثل فول الصويا وحبوب ولحوم ودواجن أغلى مما يمكن أن تستورده من البرازيل والأرجنتين وأستراليا وغيرهم. أما قدرة الصين على إلحاق الضرر بالإقتصاد الأمريكي فلديها المعادن النادرة التي تملك ما يتراوح بين 80-90% منها، والضرورية للصناعات العسكرية والسيارات والتكنولوجيا وغيرها، ووقف تصديرها يمكن أن يحدث شللا أو تباطؤا في الصناعات الأمريكية، وكذلك لديها أذون خزانة، لو سحبتها لانهار قطاع المال الأمريكي، وامتد إلى باقي العالم، وتملك منظومة تحويلات تجارية باليوان الألكتروني أفضل من منظومة سويفت. أما الجانب الذي لا يعرفه الكثيرون فهو مدى تقدم الصين في الصناعات العسكرية، ويكفي للدلالة عليها ذكر بعض الأمثلة، فقد صنعت الصين 3 حاملات طائرات متطورة في أقل من 10 سنوات، ليصبح لديها أربع حاملات، إحداها بالوقود النووي، وأول دولة تنتج طائرات من الجيل السادس متفوقة على أمريكا وروسيا، ولديها أحدث وأقوى منظومات الدفاع الجوي، وأنها أصبحت القوة البحرية الأولى في العالم من حيث عدد القطع البحرية، وقوة ودقة النيران، لكنها لا تنتشر إلا حول الصين، وليس لديها إلا قاعدة عسكرية واحدة خارج محيطها، بينما للولايات المتحدة 800 قاعدة منتشرة حول العالم. أما الأهم فلدى الصين أسلحة نوعية لم تكشف عنها، وإن كان بعضها قد ظهر في المعارض، منها القذائف الكهروماغناطيسية، ومدافع الليزر، كما أنها الأكثر تفوقا في الطائرات المسيرة من حيث الكم أو الكيف أو التنوع في المهام، ولهذا لا يمكن هزيمة الصين عسكريا، ليس لأنها دولة نووية فحسب، لكنها ربما الأٌقوى في العالم في الحروب التقليدية، لهذا عندما تقول الصين أنها “ستقاتل حتى النهاية”، فلأنها واثقة من قدراتها الإقتصادية والمالية والعسكرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى