كتاب وشعراء

دموع اللذة” قصة…عيشة صالح

“دموع اللذة”
قصة/عيشة صالح
في رفٍّ وحرارة البدايات لا تزال تتبخر من جسدي ملفوفًا برائحة الطحين والخجل، أرقب العالم من زجاج بللوري، مراقبة اليتيم أعياد الآخرين. هناك حيث لا يراني أحد، تتصاعد أبخرة الاشتهاء من البطون الخاوية. صغار بعظام خفيفة، يصفّقون للهواء، لعلّه يُسقط شيئًا، نساء اشتقن إلى الشكوى من لفحة التنور. شيوخٌ يلوكون الذكرى، ويبلعون صبرهم نيئًا.

وأنا باقٍ في الأعلى، باتت الطرق إليّ مزروعة بالأوهام، وقطاع الطرق، والأسئلة التي لا تُسأل. أرى الشمس تسير على رؤوس افتقدتها الأسقف، تلتهم ما تبقى من ضحايا الجوع.
ليلتان لم تمتد يد إليّ، ألفيت نفسي بعدها في مكان لا زجاج بللوري فيه، بدأت أتفتّت، شرع البلل يُذيبني من أطرافي، قبل أن تلتهمني الشمس أنا أيضًا وتعيرني قسوة من رماني بعد أن بردت أوصالي.
في ليلةٍ مطرها مالح، زحفتُ من مكاني، لا أعرف كيف، ربما الجوع في الأرض جذَبني. من بين أعين القطط، امتدت إليّ ذراع ترتجف، التقطني، أخذ يقضمني بنهم، لم أفهم لمَِ كان يبكي وهو يفعل ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى