رؤي ومقالات

قراءة نقدية للدكتورة السورية مرشدة جاويش/في نص “مِزق انا” للأديب الأردني محمد النبالي

جزيل الشكر والتقدير للشاعرة والناقدة مرشدة جاويش على قراءتها النقدية المتميزة للنص السردي التعبيري “مِـزق أنا”. إن تحليلك العميق ورؤيتك الثاقبة قد أضفيا بُعدًا جديدًا لتجربتي الأدبية، وأسهمتا في إثرائها بشكل كبير. شكرًا لكِ على تفانيك في دعم الأدب.

القراءة”
نص وجداني إنساني نعتبره من النصوص المعقدة والعميقة لأنه مناجاة لهالة روحنا الذي مازال يغتال نبضاتنا اليومية (الإبن)
الغائب الحاضر ببعد فلسفي وببلاغة عالية دعمتها الاستعارة المغايرة بأغلب الامكنة واللفظ الفصيح الموائم للفكرة العامة بلا تكلف ك/ زواريب الذكرى/
/الالم الجازر /
/قيود الصمت/
/سكون الزمان/
كي تدعم الجو العام وتعطي للمشاعر تكثيفها وتأثيرها فمن عمق التجربة تندلع الفكرة وتشحن الأنا الشاعرة بحسها الناري لمواطن الألم
ك /ساحة المواجع /
/اكتف الأمنيات / لان الناص مرّ بهذه المرحلة وتيتمت حواسه بهذه المعاناة فهو تحت وطأة تجربته مازال يترجم فوضى الألم بذاك الفقد كي تتشظى الروح بحروف من جمر
ك/ شظايا تفرقت/
/يمزق أنفاس الألم /
/وجع يجوب سماوات عيني/ فهي مرآة للأنا تعكس وجعها المؤثر لدى المتلقى وذلك يدل على صدق التجربة الشعرية والذاتية أيضاً فلقد شحن النص بمفردات وجمل تلامس الوجدان وتجعلنا نضيع بين الجمل وقوة معناها وصدقها
ك/ الألم الجازر/
فهي تدعنا نحس ونواكب الصرخة الشعورية للناص
فهو يناجي فقيده أن يلازمه حاضره مع أنه مدرك أن ذلك عصي ومستحيل
لكن من شدة انغماسه بالحالة يشعر بالحاجة اليه كي يكون كالنسيم وكالظل الذي يرتاح اليه
//ونحتاج إلى نسيم يهدئ اللهيب //
//وظل شجرة يوفر السكون // ولعمق الحالة وايفائها الوجداني تلك الصور تجعلها أكثر صدقاً وواقعية امام المتلقي
مع التناقضات التي تكتنز بالنص بل التضاد
مما يعطي النص جماليته وعمقه برغم شحوبه
ك// البهاء بالماضي والوضع الحاضروي
من التشظي
بين الأمل/ والألم
بين النور /والعتمة بين الصمت /والصرخة لتتمحور الحالة المتشظية لدى الناص بهيجان متناقض يشحذ من خلاله سكينته من خلال تلك التضادات حين يستهل بأطواره الشخصية المفعمة بالتشظي كي يستطرد بنجوى للإبن الغائب فهو يخالط حواسه بين شعوريته التي ستهدأ بحضور ذاك الابن المفقود والذي هو بحاجته الان
فوجعه لاينتهي لغاية الختام نجده كذلك لكنه على أمل معلق يخرجه من ذاك الإكتواء
فتلك الغيبوبة بين الحس والحقيقة كانت مخالطتها بارعة في الوصف بعاطفة تتدفق بالحنين وبترميز لفظي غني بشفافيته الحزينة ويعطي تأويلاته العدة
ك/ النجوم المتناثرة/
تعطي للذاكرة صورها المتعددة أو ذاك الأمل الغائب ونجد // الجبل الراقص بعناد في ساحة المواجع//
هنا دلالة على الألم الجاثم والذي لايفارق
أما عن // النسيم //و//ظل الشجرة// فهي الحاجة للامان والسكينة
و//الصرخة الحبيسة// دلالة على الحس الدفين بالألم والصرخة المكلومة العنيدة
فالنص موجه للإبن اذا هويته واضحة وذلك يدعم الحالة ويعطي للمتلقي صدقه بالقراءة وانغماسه
نقول هذا لأننا نعلم أن الناص هنا يكتب بحواس الأب الذي فقد نبض قلبه مما اضفى طابع انساني عن الفقد والحاجة لذاك الفقيد لذلك نجد اللغة محبطة ويائسة وطغت على النص ولكنها معبرة ولها جماليتها البلاغية وتجربتها الأنوية التي اكتملت الفكرة العامة من خلالها كي ينضج السرد بحرفية برغم وقع الحالة الموجعة برغم الأمل المفقود فكيف يصل الى حالة سكينة بين تلك الاوجاع ويتصالح معها؟ والاتساع في التوصيف لم يذهب القيمة الفنية للنص والاسهاب فيها كان يخدم الحالة ومما اعطاها جماليتها وأخذها إلى العمق الوجداني للنص هو بلاغتها فتكثيف الصور وتشابهها ترميزاً كان يخدم الوجدان الشعوري الصادق لتجربة حقيقية بوصف يليق بالسرد والتوازي بينهما فتلك المزق مؤثرة ولقد كتبت من نبض القلب بحرفية وادراك ومعاناة لها شعوريتها المحبطة المنكسرة لذاك الغياب القاتل تدعونا الى التأمل ومواكبة الحالة للنهاية وخاصة الشاعر يعتبر قامة ابداعية عالية بالبلاغة والشعر الفصيح مما دعم النص جانب الحس الصادق بصور وترميزية عالية الفتنة تؤكد عمق التجربة والايفاء لها أستاذ محمد خالد النبالي سلم قلمك ايها القدير العميق وأضفى على قلبك السكينة.
مرشدة جاويش

ءءء

النص :
“مِـزق أنا”
مِزق أنا، شظايا تفرقت في زواريب الذكرى، تتناثر كما تتناثر النجوم في ليالٍ حالكة، إذ أنغمس في خيالكَ، حيث يطأ الألمُ الجازرُ مضجعكَ الجميل، يُشعِلُ سكونَ الزمان ويُبعثرُ قيودَ الصمت.
أيها الولدُ، ما أنت سوى وجعٍ يجوبُ سماوات عينيّ، يزرعُ العتمة بين كلّ بريقٍ يُزهرُ. تشبهُ جبلًا، يرقصُ بعنادٍ في ساحة المواجع، يمزقُ أنفاسَ الأمل، ويبعثرُ صور الماضي كلوحاتٍ أساسها الذهول.
ها هي يدي، ألوذ بمعصمِ الأمان، لعلي أعودُ بصيرًا كما كنتُ، إذ كنتَ في بهائك، تطوفُ على أكتُف الأمنيات، تجسدُ قطعةً من حلمٍ تهربُ من بينَ أصابعِ الزمن. أيها المُرابطُ على فَمِ صرخةٍ حبيسة، تطلقُ صداها في تلٍّ من الخيالِ البهيِّ، كن هنا، فأمري معلقٌ على أنفاسكَ البيضاء، حيث لا يُفهمُ الحزن أو يُعرفُ، بل يظلُّ بقايا آهاتٍ عالقةً في فضاءٍ غامض.
أحتاجُ إلى وجودكَ كنسيمٍ يُهدئُ لهيبَ الذكريات، كظلِّ شجرةٍ غارقةٍ في سكونِ الأقمار، لأبقى وحيدًا، مترنحًا بين صفحاتِ ما مضى، لكنني أعلمُ أنك في فمي، وفي كلِ صرخةٍ أخفيها، وفي بقايا الفرح التي تذوب في عتمةِ أيامي.
كن هنا، لأنَّ زمناً آخر يلوحُ من بعيد، وأنا أبقى فقط، مِزقًا، متشظيًا بين الأمل والألم.
محمد خالد النبالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى