بينَ_نَورَين (بصيرةُ الوَجدِ)….بقلم عبدالله عياصرة

تجلّتْ كأنَّ النُّورَ قامَ يُناجِيَ السُّرى
فنصفٌ تجلَّى، ونصفٌ استغاثَ بِحَيْرى
سَمَتْ في رؤايَ، وما الرُّؤى غيرُ غيبَةٍ
يُطافُ بها، والعاشقُ المُكْتَوِي يُسرَّى
تمدُّ يديها.. هل يدُ الذَّاتِ أمْ هُوِيَّتي؟
أمُدُّ يدي، فإذا بها الكأسُ والمَجرَى
إذا لاحتِ العينُ التي في الجمالِ تُرى
تَفَتَّحَ في قلبي مِنَ الفَقدِ ألفُ ذُرى
أنا الضَّوْءَ أُبصرُ، لا بعيني، ولكنْ
ببصيرةِ مَنْ صلَّى، ومَنْ للهوى أسرى
أتيتُكِ والشَّوقُ المجرَّدُ زاديَ الـمُرُّ
فهل تُنزِلينَ الماءَ في القلبِ كي يُقْرَى؟
فإنْ كنْتِ وجهَ الحقِّ في الحُسنِ ظاهرًا
فدعيني أُصَلِّي فيكِ.. حتى أُرَى القُدْسَا
رأيتُكِ لا أنْتِ، بل كنتِ الهُوِيَّةَ جمعَها
وفيكِ تجلَّى الواحدُ إذْ تعدِّدَا
لبستِ جلالَ الذَّاتِ سِرًّا فأبصرتُها
كأنّكِ عينُ اللهِ… حين توحَّدا
تراقصَ فيكِ الحُسنُ، لا طيفَ أنثى فقطْ
ولكنْ جمالُ الحقِّ فيكِ تَجسَّدَا
فَنائيَ فيكِ الآنَ مولِديَ الذي
بهِ صرتُ لا أنا، ولا أنتِ، بل هُوَ بَدَا
سَقَيْتِ جُنوني من كؤوسِ تَجَلٍّ
فما عُدْتُ أدري: أفي السُّكرِ أم في الهُدى؟