رؤي ومقالات

طه خليفه يكتب :البلشي .. والزعامة والبطولة والشعارات..!

الأستاذ خالد البلشي، ليس زعيماً للمعارضة حتى يتم تحويله إلى بطل، والأستاذ عبدالمحسن سلامة ليس رئيساً في الحكم حتى يتم تحميلة جانباً من الغضب بسبب سياسات عامة، ليس مسؤولاً عنها.
كلاهما صحفيان، دخلا في تنافس انتخابي بآليات ديمقراطية حقيقية في استحقاق يتسم دوماً بالحرية والنزاهة والشفافية منذ بدأت المواعيد الانتخابية في نقابة الصحفيين.
وفوز البلشي نقيباً للصحفيين للمرة الثانية هو شأن نقابي بحت، ولا يتجاوز أبواب نقابة الصحفيين، ولا يعني تغييراً سياسياً وإصلاحياً في مصر، وخسارة سلامة لا تعني أن السلطة تتراجع وتنهزم وتتخلى عن سياساتها وأفكارها وخططها وطريقها.
سيظل البلشي نقيباً داخل مبنى النقابة في 4 شارع عبدالخالق ثروت بالقاهرة، لمدة عامين آخرين، بعد فترته الأولى، وكانت مدتها عامين أيضاً.
كما سيظل يبعث مراسيل إلى أجهزة الدولة لعلها تستجيب لمطالبه، ولن يتوقف عن التواصل مع الأجهزة لترتيب لقاءات له مع مسؤولين فيها، ويبقى في الانتظار لحين الاستجابة له، أو التجاهل، وهو ليس في يديه أكثر من ذلك، هو نقيب ضمن نقباء في نقابات مهنية أخرى عديدة.
وفي عهدته الأولى لم يُقدم شيئاً ملموساً كبيراً، ولم يحقق إنجازاً تاريخياً، ولم يُحدث اختراقاً مع السلطة يجعلها تلبي مطالب أساسية له في ملفي الحبس والخدمات للصحفيين، إنما ظل يرفع شعارات، ويبعث خطابات، ويعلن طلبات، لكن التنفيذ بعيداً عن يديه، وخارج قدرته.
الحفاظ على استقلالية النقابة، وحرية الصحافة والصحفيين، كلمات رنانة جميلة لايختلف عليها أحد، لكن هل هناك من يسعى لأخذ النقابة لنفسه، ويجعلها ملكية خاصة به، أو ينقلها في الشهر العقاري باسم السلطة؟.
هذا لم يحدث في ظل نقباء، هم كوادر إعلامية أساسية تابعة للسلطة، كما لم يتعرض أحد من السلطة للنقابة في عهد نقباء كانت لهم مسحة معارضة خفيفة، لهذا لا أرى ضرورة للضجيج بشأن استقلالية النقابة وحريتها وربط ذلك بوجود البلشي نقيباً.
ثم ما معنى الاستقلالية في ظل أن الدعم الحكومي إذا لم يصل إلى النقابة في موعده تجمدت أوصالها، وصارت مجرد مبنى بلا فاعلية؟.
وأين الاستقلالية بينما النقابة تعتمد في صرف بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يعتاش عليه صحفيون كثيرون من خزينة الدولة، ومعظم أموال الخزينة هى حصيلة ضرائب يدفعها المصريون للحكومة؟.
شعارات الحرية رائعة، لكنها تبقى كلمات بلا أثر، ذلك أن السلطة تتحكم ليس في الصحافة فقط، إنما في منظومة الإعلام كله، بل في القوى الناعمة جميعها. وسلطة الحكم الحالية تحكمت بشكل واضح وضاغط أكثر من سلطة مبارك التي تركت هامشاً محدوداً للتنفيس، وتخفيف الاحتقان، ولهذا عاشت 30 عاماً كاملة، واليوم هناك من يتحسرون على رحيلها، ويتمنون لو كانت بقيت، أو تعود.
والنقابة تنظيم قانوني يدافع عن حقوق الأعضاء المنتمين إليه، وهى لها حدود وسقف في الدفاع عن الحريات الصحفية والعامة والفردية، وإلا ستدخل في صدام مع السلطة المهيمنة تاريخياً على منافذ ومساحات الحريات الممنوحة، وليس واقعياً خوض معارك خاسرة، إنما التعامل برفق مع هذا الملف.
خالد البلشي صحفي مثل ألوف الصحفيين له اتجاه سياسي معين، وهذا حقه، لكني لم أقرأ له مقالاً لأعرف من هو؟، وكيف يفكر؟، وكيف يكتب؟، وما هي رؤاه وقضاياه واهتماماته الكلية الكبرى؟، أعرفه فقط من دوره النقابي التقليدي، ومن المراسيل والبيانات واللقاءات التي لم تُسفر طوال فترته الأولى عن شيئ ملموس ممسوك بالأيدي.
والسلطة لم تفرج عن صحفي واحد لأجله، إنما إفراجاتها أتت وفق خططها وقراراتها هي وحدها، بل إنها اعتقلت المزيد من الصحفيين في عهده وهو يرى ويتابع ولا يقدر على فعل شيئ سوى الدعوة للإفراج عنهم، وليس في طاقته أكثر من ذلك.
ومشروعات القوانين التي أدلت النقابة بدلوها فيها لم تتغير وفق ما كان يريد البلشي، بينما مثلاً الراحل إبراهيم نافع الصحفيين الذي يُوصف بأنه نقيب حكومة ورجل سلطة قاد النقابة والصحفيين بشجاعة لإسقاط القانون المضاد للحريات المعروف باسم القانون 93 لسنة 1995، لهذا لا يجب المزايدة بالشعارات وإدعاءات النضال.
الأمر هنا ليس نقيب معارضة، ونقيب سلطة، إنما نقيب قادر على الفعل بما له من حيثية ومهابة وقدرة وعلاقات، وما يستند عليه من تاريخ وإنجاز مهني ونقابي، وما له من كلمة مسموعة وقدرة على الأخذ والتنفيذ، والبلشي النقيب يُعتبر مدعوماً من الجمعية العمومية للصحفيين التي أنجحته مرتين، لكنه لايزال يفتقد القدرة على الفعل اللافت النافذ القوي المهم المؤثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى