الدوران …..بقلم نجمة آل درويش

تغيرت كثيرًا، تشعر بأنها أصبحت كسولة، حتى خطواتها باتت ثقيلة. قالت لابن أختها مازحة: “أصبحت أمشي ببطء جدًا.” رد عليها ضاحكًا: “لأنكِ أصبحتِ عجوزًا!” زعقت في وجهه وقالت، كما تقول كل امرأة: “أنا بعدني شباب!” رد على زعيقها ضاحكًا: “أنا أمزح! ههههه.” لكنها فعلاً في هذه الأيام تشعر بأنها خاملة، كل يومها لا يعدو أن يكون إلا للطعام والقراءة وبعض التمارين الرياضية. ثم ماذا؟ لا شيء! هي تدرك في نفسها أن سبب هذا الكسل والتوقف هو ذلك التعلق اللعين. لم يعد يشغل بالها سواه. حتى الزمن الذي مر سريعًا لم يشفع لها لنسيانه. أنى لها أن تنساه وذكرياته معلقة في كل مكان تذهب إليه؟ حاولت أن تتقبل هذا التعلق وتسير في حياتها، لعل عجلة الأيام التي تمضي تجعله هو أيضًا من الماضي، لا من هذه اللحظات. ولكنها فشلت. حين رأته في ذلك الاحتفال، ونظر إليها نظرات تأنيب، وكأنه يقول: “لماذا فعلتِ بي ذلك؟” جعل كل اللوم عليها، ومحا ذنوبه هو. وقررت في قرارة نفسها أن تنتقم منه بطريقتها، لا حقدًا ولا ندمًا، ولكن ليشرب من نفس الكأس الذي سقاها. غير آبهة بعاقبة ذلك، قالت في نفسها: “فليكن ما يكون… سأنتقم منه بطريقة ناعمة.” لكن عندما بدأت تخطط ما أرادت فعله، صادفها في برنامج إنستغرام مقولة جعلتها تعدل عن ما خططت له: “كل ما يتعلق بالأمس ذهب مع الأمس، اليوم حان الوقت لقول أشياء جديدة.” ثم إن التسامح إن كان خيارًا يعكس قوتي، وبحثي عن إزالة كل ما يشوش عقلي ويعبث بسلامي الداخلي الذي هو مصدر توازني الخارجي وثقتي بنفسي. وهكذا، فتحت صفحة جديدة بيضاء لا كلمات فيها. ستبدأ بملئها من جديد بما تملكه من الأيام القادمة.