كتاب وشعراء

دغدغة مورفين …… بقلم // أمينة لفقيري // المغرب

” دغدغة مورفين ”
وأنا أتأمل الفراغ، خلتني أنزلق في غيبوبة. كنت أعبر ظلا يفصل وعيي عن اللاوعيي. لم يعد للمكان ولا للزمان وجود،كل ما أدرك وأشعر هو أني أتماهى مع الحالة الغريبة و منتشية بالسفر اللذيذ.فرشت لدهشتي استسلاما ناعما ولذت بهذا الفراغ الذي ربما إبتلعته أوربما ابتلعني.حالة تشبه سكرات ٱلحياة الشهية، كنت أنجذب فيها لكيان لا أدرك كنهه،تهيأ لي أنه يبتسم لي ولو أنه بدون وجه ولا ملامح،وبلغة التخاطر قال لي:
-هذا حيزك من ٱلفراغ.إملئيه بما تشائين أو سيملأك هو بما يشاء.
ألكل هنا خبأ مخاوفه خلف النوافذ ولبى دعوة “زوربا” لرقص جماعي.
عمّت لحظتها أرجائي طمأنينة غير مُطَمْئِنة ماعهدتها ولا خبرتها من قبل،شعور أخذني من تلابيبي ليقحمني في مهاويه المجهولة،مستكينة كقاصر ليلة دخلتها..راضية لتخوض التجربة وتكتشف المغامرة.
كم جميل هذا الشلل العاطفي وكم مُغرٍ ازدحام النبض ببدني!!
في ٱنخطافي،إمتد بصري إلى حدود الأفق حيث عيني مسمرة في مركز واحد أخشى أن أزيح نظري عنه فيتوقف إمدادي من نشاش المورفين وتتوقف بالتالي سمفونية”القدر”لبتهوڤن التي تواصل الدق على رأسي.
نشوة إستطاب رقادها بدواخلي ولم أعد أغري الجاذبية لأني انفلتت منها وصرت أحلق بلا وزن ولاجسد..ساعتها انتابني هلع شديد وتذكرت “كافكا”لما استيقظ فوجد نفسه حشرة فخشيت أن أخرج من حالتي لأجدني صرت غير بشرية.لحسن حظي أنني طردت مخاوفي وسلمت نفسي لغيبوبتي الرائعة لأسبح من جديد في سعادة غامرة متجردة مني ومن هم الإهتمام والتفكير والتأمل،خاوية من كل شيء إلا من غاز الهيليوم الذي بدأ يرفعني لسماء لاتشبه السموات ،أطفو تارة وتارة أراوغ موجات لا وجود لها إلا في تهويمتي الغريبة…فجأة شعرت بضيق في صدري وٱختناق وكأني أغادر أجواء الأرض وتراءى لي من بعيد فضائيون يتقدمون نحوي،ازداد هلعي وبدأت أبحث عن منفذ هروب فوجدت نفقا يشبه نفقا في لوحة سريالية من حواشية تخرج أياد تحاول دغدغتي لأضحك وهي لا تدري أنني لا املك وجها ليضحك.
في آخر النفق،كان يقف”سلفادور دالي” يحمل الوقت الذائب بيمناه وعلامة قف بيسراه،حينها فزعت وضاع تركيزي وبالتالي زاغت عيني عن الأفق وفقدت تواصلي اللذيذ لأعود كقصيدة ناعسة لواقع …. واقع لا أظنه سيرتفع بي أبدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى