د.محمد إبراهيم العشماوي يكتب :فلا تلوموهم .. ولوموا أنفسكم!

لماذا نلوم الناس على أنهم يسمعون لفلان وفلان من أصحاب الفكر الشاذ والمتطرف، ونحن كأزهريين، معظمنا زاهد في الظهور الإعلامي أو في النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إن كثيرا من رجال الأزهر ليست له كلمة واحدة على أي منصة إلكترونية، أو في إذاعة أو في تلفزيون أو في صحيفة، ولا حتى صورة شخصية يعرفه الناس بها، بينما يقال عنه إنه أعلم أهل الأرض في التخصص الفلاني، أسماء بلا مسميات، وعناوين بلا حقائق!
بينما أسعى للتسجيل مع بعضهم في برنامج (هنا الأزهر)، لنعرِّف الناس به، ونقدمه قدوة للأجيال، بسيرته ومسيرته؛ إذا فريق منهم رافضون معرضون، متعللون بعلل فارغة لا تصلح أن تكون سببا للامتناع، ككونه لا وقت لديه، وكونه زاهدا، وكونه منشغلا بالعلم، فعصرنا أحوج إلى بروز أهل العلم والفكر للناس في معركة الوعي المصيرية، وإلى ملأ هذا الفراغ الممتد في محيطنا من كل اتجاه، وإلا فهم فارُّون من الزحف، هاربون من الميدان، مهما تضخمت أسماؤهم، وعظمت هالاتهم!
لقد ضغطت على نفسي، وحاولت أن أتواصل مع بعض من كان بيني وبينهم ما يكون بين البشر، للتسجيل معه، تغليبا للمصلحة العامة على الخلافات الشخصية؛ فإذا به يتعلل بعلل واهية!
فيا لله مَن للأزهر؟!
هذا فريق معرض عن الظهور الإعلامي عموما؛ لهذه الأسباب الفارغة!
وفريق آخر ليس على منهج الأزهر، فلو ظهر لافتضح أمره، فيؤثر السلامة بالاختفاء!
وفريق ثالث ضعيف علميا، فلماذا يحرج نفسه بالظهور؟!
فليظل مختبئا، وليبحث عن شيء آخر من المال والجاه والمنصب، غير التصدر العلمي والدعوي!
وفريق رابع يظهر، لكن ليس بغرض نشر الوعي، ولكن بغرض الشهرة من أجل المكاسب الدنيوية، فهو يقدم ما يطلبه المستمعون، ولو كان شيئا تافها!
وفريق خامس، يظهر، ولكن يجامل بدينه، ويداهن أهل الدنيا!
إذن يحق للناس أن يسمعوا لأصحاب الفكر الشاذ والمتطرف، الذين يدلسون على العوام بأنهم العلماء حقا، وأنهم أنصار الإسلام؛ ما دام الأزهريون على هذا الحال من التواري والإحجام والضعف والخذلان!
عجبت لقوة أهل الباطل بباطلهم، وضعف أهل الحق بحقهم!
لا بد أن يعاد النظر في تكوين الشخصية الأزهرية علميا وإعلاميا ونفسيا؛ لتكون مستعدة للمواجهة، متسلحة بجميع أسلحة العصر، في معركة الوعي المصيرية، وإلا فالهزيمة ساحقة ماحقة!