العام ١٩٧٥م كانت منطقة الوهط تكتسب عددا من الهواة في مجال الطرب..أ .علي المحلتي

العام ١٩٧٥م
كانت منطقة الوهط تكتسب عددا من الهواة في مجال الطرب.
وكان الوالد أحمد عمر سكندر ذا خبرة لا يستهان بها إذ كان من مؤسسي ندوة أبين الموسيقية إلى جانب عدد من زملائه في أبين أمثال سالم ربيع علي وأولاد الكيله والفنان الكبير محمد محسن عطروش وغيرهم ممن أثروا المكتبة الطربية بتلك الروائع الخالدة من أغاني الزمن الجميل.
وكنت رئيسا لحي الشهيد علي جاحص (الوهط) والذي يتكون من وحدتين سكنيتين هما وحدة الشهيد فضل سالم لعرج وتقع في الجزء الغربي من الوهط والجزء الشرقي يكون وحدة الشهيد سعيد حيدره عباد. فشرعت بالجلوس مع الوالد الحبيب أحمد عمر سكندر وناقشت معه العزم على تأسيس فرقة موسيقية والذي كان رده بكل تحفظ عما تواجهه الوهط من تباين واخثلافات تكاد تودي بحياتنا خاصة وأن الاخنطافات والقتل يسود حياة المجتمع بأسره نتيجة لما حدث من تغيرات سياسية وتكتلات بسبب أحداث ٢٠ مارس و٢٢ يونيو والتعصبات والانقسامات السائدة حينها. كل ذلك كان محور حديثنا. وقد خرج نقاشنا بضرورة قيام فرقة موسيقية بالوهط وبأن كل الشباب لا يتعاطى القات ولا السيجارة ولا المشروبات الروحية.
من هنا بدأنا الجلوس مع الراغبين في الانخراط في الفرقة ومنهم:
علي عبدالرحمن عمر السقاف الدحمي
علي زين محمد سالم السقاف الخواجه
حسين عبدالهادي محمد الفقيه
زين محمد أحمد الراجل
عدنان زين محمد سالم السقاف الحواجه
محمد بخيت
عبدالله محمد سعيد الهريشي
وانظم مع الفرقة محمد أحمد عباد الدهمشي
في حين أيد فكرة إنشاء الفرقة كل من:
أحمد محمد سعيد الدهيس
ناصر عوض ناصر
محمد عيدروس القاضي السقاف
..
وبدأ مشوارنا. وكانت أمامنا العديد من مهام بنا، الفرقة والتي كان أهمها العزم والتصميم على إنجاح البناء.
تم تكليف الوالد أحمد عمر سكندر أن ينسق مع الفنان أحمد عباد والذي كان يسكن في حي الشهيد عبدالقوي كمدرب للعزف وقد حضر مساهما نشطا بمهمته وقد كانت تربطني به علاقة وثيقة.
هنا بدأت المكائد والدسائس والسياسة التي كادت تودي بالفرقة في مهدها.
وقد أحضر الطرف المناهض لقيام الفرقة لجنة تحقيق معي ومع الوالد أحمد عمر سكندر. وكان مقرها في دكان الحبيب عبدالرحمن محمد عيدروس السفاف وتتكون من:
أحمد عبدالله صالح وهو سكرتير محافظ لحج عوض الحامد
صالح حسن حبحبه عن التنظيم السياسي الجبهة القومية
وٱخر من إدارة البحث والتحري في أمن المحافظة الثانية (لحج).
وظن الطرف المناهض أن الحلقة الأضعف هي شخصية الوالد أحمد عمر سكندر الذي تم استدعاؤه للتحقيق.
فقطعت طريقه عند منزل خالي عبدالله علي الحداد (زوج خالتي) والحقيقة أن الوالد أحمد كأنه ذاهب إلى مقصلة إعدام حيث هدأت من روعه وطلبت منه أن يرمي بكل شيء فوقي باعتبار المثل القائل أنني لا معي فلان في الهندول ولا فلان بالاسكول وأنني إن قتلت فلا يهتم.
كان التحقيق معه من بعد صلاة العشاء وحتى قبيل الثانية عشر ليلا.
وخرج باك حين وجدني منتظرا له في مكاني قائلا: (قلت لهم أن علي محلتي هددني بقنبلة لقتلي أنا وأسرتي) وطلب سماحي فسمحته باعتباره خرج من دائرة التهمة وباعتباري أنا من أواجه الطرف الٱخر المعرقل بناء الفرقة.
وبدأ اشتداد المواجهة حين شكا لي أخي أحمد عباد اندساس بعض في الفرقة.
فاتفقت معه بأنني سأحضر معه للإشراف على اختيار الأصوات في مقر الفرقة في مدرسة الوهط الابتدائية سابقا وكان الاجتماع في الدور الثاني في الصف المقابل مسجد جعفر.
وبدأ اختيار الأصوات والعازفين كانت البداية من علي الدحمي حتى جاء دور عوض علي عبدالشيخ الذي رد على سؤال أحمد عباد بأن يغني فقال:
أنا أغني لأم كلثوم.
وشرع في أغنية (عودت عيني).
فقمت واصطحبته إلى خارج صف الاجتماع أي بين الصفين العلويين بالمدرسة وكان مبتسما مما جعلني أستلطفه فهو صهر أخي حمود ناصر محفوظ وزوج شقيقته حيث قلت له:
لو سمعتك أم كلثوم لاعتزلت الفن.
فضحك قائلا:
هم جابوني وحسين عوض أرسلني لتخريب الفرقة.
فطلبت منه أن يخبر من أرسله بأن يحضر هو وباب القبول مفتوح بالفرقة فعانقني وغادر طالبا مني أن أعتذر له من كل الحاضرين فكان ذلك.
وأخيرا قررت الفرقة الموسيقية قيام الحفل الأول لها واختير الأول من مايو ١٩٧٥ مناسبة قيام الحفل.
وترتب على ذلك بناء مسرح للحفل فكان ذلك الذي أنشأه أعضاء الفرقة في مدرسة الشهيدة إقبال.
وتحملت التنسيق مع العم عبدالجليل ردمان بشأن الصوتيات وهي الميكروفونات وكان قد أبدى استعداده على أن يحضر شخصيا ويشرف عليها بصورة مجانية على أن نهيئ له سيارة النقل التي تكلف بها العم عيدروس محمد عيدروس وبشكل مجاني أيضا.
ومن حسن حظ الفرقة أن اختارت اليوم السابق للأول من مايو.
واستمر نشاط الأعضاء بحماس غير عادي في كل الاتجاهات بما فيها البروفات لما ستقدمه من نقاط الحفل وكذا إقرار سعر تذكرة دخول الحفل وهي ٣ شلنات للفرد والتي تكلف بها أخي محمد بخيت.
فجاء يوم الحفل وكل الأمور مرتبة إلا أن القلق أمسى ضاغطا على أعصابي فلم أنم ليلتها حتى بعد صلاة الصبح حيث قررت أن أتناول صبوحي في مقهى صديقي وأخي حمود ناصر.
ذهبت إلى سوق الوهط وتناولت صبوحي باكرا عنده.
وبعد الصبوح اعتذرت منه للتأكد من عمي عيدروس الذي عادة ما يخرج بسيارته بعد صلاة الصبح للبحث عن ركاب فالتحرك إلى لحج التي سيأتينا منها بالميكروفونات.
هنا فاجأني أخي حمود ناصر بأنه موقوف في شرطة الوهط.
أخذت منه ورقة ونزلت إلى الشرطة وكان مديرها هزاع قرقر وقابلته حيث كان لا يعلم سبب توقيفه إلا بعد أن أخبرني أخي هزاع بأنه أمر من قائد الميليشيا.
حينها مر أمام الشرطة أخي سيف جاحص على خيله فدعوته وبدأت أكتب رسالتي إلى وزير الداخليه الذي كان وزيرها صالح مصلح وأعلم أن فحوى الرسالة هو أنه من المدعوين لحضور الحفل وأن يرفع عساكر الشرطة من الوهط بعد تماديهم في عرقلة حفلنا وتوقيف السيارة وصاحبها الذي سيحضر الميكروفونات المجانية وهذه المهمة مجانية من قبله والأهم أننا نحن من سيحمي الوهط بدلا من تلك الشرطة المعرقلة حفلنا.
سلمت الرسالة لأخي سيف جاحص طالبا منه أن يلحق أخي عوض محمد جعفر لتسليمه رسالتي والذي سيسلمها للوزير.
وفي أقل من ساعة تم إطلاق سراح عمي عيدروس وبدأت الشرطة خروجها من الوهط.
وحين وصلت إلى دكان حسن علي محمد لعجم علمت برحيل أخي محمد بخيت.
إلا أن إصرار أعضاء الفرقة على إقامة الحفل كان كبيرا.
وأقيم الحفل واكتضت ساحة مدرسة الشهيدة إقبال بالبشر الذين حضروا من قرى الوهط المجاورة بما فيها بئر حيدره والرجاع وصبر والفيوش والمححفة أما عن الوهط فحدث ولا حرج فقد حضرت كلها تقريبا نساء ورجالا.
وفي أول اجتماع للأعضاء قررنا أن إيراد الأعراس لا يزيد عن ٥٠ شلنا. على يترك لها حق المشاركات الوطنية وأن يكلف العم الوالد أحمد سكندر بالبحث عن مصادر التمويل بالثياب الموحدة وبالٱلات الموسيقية والتي كانت أولاها من الرئيس سالمين.
وهنا تم تحرير الفرقة من القيود السياسية وأقصد بذلك أن تقود عملها بنفسها على أن نساعدها من خارجها في حمايتها وتذليل ما يواجهها من صعوبات.