كتاب وشعراء

هذا المساء……بقلم خالد إبراهيم

في مدينةٍ تأكلُ السماءَ بالعَرَق والرُّمّ، خرج نبيٌّ من تحت حذاء متسوّل، حدّق بي كما يحدّق جدارُ زنزانةٍ بسجينٍ فقد اسمه وقال: أين كنتَ أيها الفائض عن حدود البشرية؟
ضحكتُ بجمجمتي، صرختُ حتى تفجّرت الطيور، عاد الصدى إليّ كقذيفةٍ سقطت على مأوى ليتامى:
أين كنت؟
من تكون؟
لماذا أنت ما زلتَ هنا؟
قلت:
أنا الاسم الذي تقيأته الأمهات حين لم يُولد، أنا بُصاقُ اليتيم حين يكفر بالحليب، أنا صدى الطعنات التي لا تموت،
أنا أنينُ الذي لم يبكِ قط.
مولاي… دعني وشأني، أنا الهارب من مذبحةٍ لم تحدث بعد
أنا الغجريُّ المشنوق في عنقِ قُبلة، أنا جثةٌ تكتب شعراً فوق سلّمِ الإعدام، أنا السكيرُ الذي يشرب من قناني الخيانة، ثم يتقيأ وجوهَ أحبّته.
أنا لستُ من أتباعك، أنا ضدُّ الوحي، وضدُّ اليقين، أنا الكافرُ الذي يحفظ جميع الكتب السماوية ليرجم بها السماء.
مولاي…
لا وقت لي الآن، لديَّ عملٌ أكثر نبلاً من الوحي: أن أصرخ حتى يختنق الهواء، أن أفتح رأسي كقبر، وأدفن فيه أصوات الفقراء
وزغردة أمٍ لم تجد جثة ابنها.
ابتعد عني… دعني أموت بصمتي، أو أكتب سفرًا جديدًا
يبدأ
“وكان الإنسانُ عارًا، فخلق الله النسيان.
ريو دي جانيرو
حيث الأنبياء يتسوّلون
والله يُباع بنصفِ كأسِ كاشاسا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى