في البدايات….بقلم نعمان رزوق

في البدايات
كنتُ أبحثُ عن ظلٍّ واحدٍ يكفيني ،
عن رائحةٍ دافئةٍ
تنسى أن تغادر قميصي ..
عن وجهٍ
لا تحتاجُ ذاكرتي معه إلى أكثر من قُبلةٍ على الجبين .
كان قلبي يحبو كموسيقا بوتر واحد ..
نحو امرأةٍ لا تشبه النشيدَ الصباحي بل الذي لا يعرف التكرار ،
نحو امرأةٍ مصهورةٍ من مجرة قديمة ..
لم ينج مع الحريق سواها ،
نحو امرأةٍ ينهلُ الورد من خطوها روحَهُ ..
و يستريح العصفور على هدبها قبل أن يحمل السماء فوق أجنحته و يطير ،
لكنني حين وجدتُها ..
دخلتُ من بابها رجلاً
و خرجتُ محشواً بالنساء .
عرفتُ التي تُخبئُ أنيابها تحت الروج
و تبتسمُ لكَ كما لو أنها تعضُّ على تفاحةٍ نيئة ،
و عرفتُ التي إذا وعدتْ
كان الوعدُ حبلاً من حرير
لكنّهُ ملتفٌّ حول عنقِ أحدهم في مكانٍ آخر ،
صادفتُ الطيّبة ..
كجذعِ نخلةٍ نبتَت وسط صحراءٍ لا تعرفُ الماء
و حين عطشتُ
خلعتْ ظلّها لتظلّني ، ثمّ ماتت واقفة .
و عرفتُ الغيمة ..
التي مرّت خفيفةً على أيامي
و بلّلتني دون أن تقصد
ثمّ اعتذرتْ من الهواء و مضت .
رأيتُ الصغيرة التي كانت أُماً ..
تحملُ حنانًا لا يتناسب مع عُمرها
و تربّتُ على جروحي
وكأنّها تعرفُ كم مرّة انكسرتُ
في أماكن لا يذكرها غيري .
كلُّ امرأةٍ ،
كانت درباً
مررتُ فيها بخوفٍ
أو شغفٍ
أو ندم ..
لكن حين اجتمعنَ كلّهنّ في امرأةٍ واحدة
لم أجد خريطةً لهذا التيهِ الفاخر ،
فكيف أدرّب قلبي على أن يحبَّ
نقيضه في اللحظةِ نفسها ؟
كيف أفهم أنني أمام امرأة
تُرضعُني الطمأنينةَ
و تلدغني في اللحظةِ التالية ؟
كيف أفهم أن الغيمة تزحف في ضلوعي كأفعى ؟
يا لهذا الجسد الذي يحتوي كلّ البلاد
كلّ النساء
و كلّ الخطر ..
ثمّ
أين سأهرب من أنوثةٍ
كلّما قبّلتُ وجهاً فيها ،
نهضَ نحو فمي .. آخَر ؟