حمزه الحسن يكتب : النفخ بنار الفتنة

وجه طائفي رسالة الى كل من ينتقد الخطاب الطائفي” في أن يبلع لسانه ويغلق فمه ولا يتفلسف” حرفياً،
كما لو أن أفواه الناس بقاليات تفتح وتغلق بأوامر منه في عقل وصائي خطير للغاية دون ان يعرف ذلك،
وحكاية بلع اللسان في المحصلة النهائية هي ذاتها قطع اللسان وما جدوى لسان لا ينطق؟
لكن مقابل بلع اللسان والصمت ، سيتولى هو الكلام، الكلام المشحون بالغل والحقد والدعوة للاحتراب.
ما هي مناسبة هذا الكلام؟ هذا الكلام بشهادته لا مناسبة له سوى فرضيات وهمية لا وجود لها في الواقع وبنى على هذه الأوهام نتائج، وتحولت النتائج الوهمية الافتراضية الى صورة واقع:
الفرضية الوهمية الأولى: ماذا لو أصبح شيخ عشيرة دليمي ــــ ذكره بالإسم ــــــ رئيسا للوزراء؟
وفرضية” ماذا لو” هنا لا وجود لها في الواقع لأن الشخص المذكور لم يطرح نفسه كمرشح كما ان منصب رئيس وزراء لا يخضع لرغبات الاشخاص بل عملية طويلة من تسويات وصفقات ومساومات محلية وخارجية.
والفرضية الوهمية الثانية أسس لها نتائج وهمية ومن بينها حصرا ان هذا الشيخ سيعرض الشيعة الى خطر ويعمل الى حل الحشد الشعبي ومن ثم: يا شيعة جاء الذئب، جاء الواوي،
وعلى منتقدي” الخطاب الطائفي” الكف عن التفلسف وجهزوا السلاح لحملة إبادة لا توجد إلا في خيال مريض سيقوم بها شيخ عشيرة لم يخطر بباله ان يكون مرشحا كرئيس وزراء لأنه أذكى من صاحب خطاب الفتنة ويعرف اللعبة جيداً وهذا الموقع القيادي لا يخضع لمشاعر ورغبات الناس بل يتم بناء على توافقات ومصالح قوى محلية ودولية واقليمية والشعب شهود على حفل تنكري.
الفرضية الوهمية الثالثة التي طالب بها الشيعة بالاستعداد لمشروع تآمري من الشيخ ـــــــــــ السني ــــ هو انه اختزل هذه الطائفة برجل واحد وهذا الاختزال الوهمي التخيلي بنى عليه نتائج وهمية،
لأن المقدمات الوهمية تقود الى نتائج وهمية، وفي هذا الاختزال الساذج الذي يعكس عقلية انتقائية وانتقامية تحاصر نفسها، ألغى من طائفة الشيخ أي تنوع بشري مختلف في التوجهات وحصرها بشيخ عشيرة مختلف عليه حتى بين طائفته ومدينته وهارب في أربيل .
العقل الطائفي الغائي: الغاء المكون كله واختزله بفرد، الغاء منتقدي الخطاب الطائفي، ألغى حق الناس في التعبير والخوف من اشعال حريق وفي قضية كبيرة وحجز لنفسه منصة للخطاب وصار صاحب الحق الوحيد في الكلام ، وأي كلام؟
ألغى أن يكون بين هذه الطائفة وطنياً وقوميا وشيوعيا وعرقجيا وعدميا وصوفيا ومطيرجيا ومثقفا نظيفا وحشاشاً ونزيهاً ولامبالياً مثل أي تجمع بشري وحشرهم جميعا في مشروع مجزرة متخيلة قادمة.
حصر كل هذا المكون بفرد واحد وخرج بنتائج وهمية ودعوة للتسلح وشد الاحزمة،
وكل ما على منتقدي” الخطاب الطائفي” بلع اللسان والكف عن التفلسف، وهيا الى السلاح واستعدوا لمذبحة وهمية.
الجهل الجديد لا يعني عدم المعرفة كالجهل القديم بل يعني المعرفة الشريرة، والدليل ان هذا العالم خربه علماء وخبراء من كل العلوم ولم يخربه رجل أمي وساذج،
وخطاب من هذا الصنف لا يلغي مكونا واسعاً متنوعاً فحسب بل الغى كل من يتعرض بالنقد للخطاب الطائفي ــــ صراحة بلا حياء وبثقة الأحمق في أنه يقول حِكَماً.
هل التعرض لهذا النموذج ضروري؟ نعم وأكثر ومن كثرة المتعاطفين معه نلمس قوة الوهم في صناعة أحداث ومواقف في عقول مستقيلة كوعاء فارغ،
كما أن خطاب الاحتراب هذا يتضخم هذه الايام وهناك خوف من مواجهته في العراق وهو خوف مشروع في دولة ممزقة.
إن من عليه أن يخرس ويبلع لسانه ليسوا منتقدي الخطاب الطائفي بل من يحرض على الطائفية وينفخ في نار الفتنة بصناعة أوهام ومن يريد اشعال حريق في عراق مثل كدس تبن يابس وشرارة قد تشعل حريقاً لا ينطفيء وغابة من السلاح والضغائن والفساد والقوى المتصارعة على الثروة والسلطة بعناوين كاذبة وبطالة وافق مغلق ومخدرات ودول كبرى ودول مجهرية متربصة وكل عناصر التفجير متوفرة بافراط.
ولو استعملنا هذا المنطق الزائف نفسه ونقول: “ماذا لو ” تولى هذا الطائفي رئاسة الوزراء؟
وحسب منطقه أيضا سنبني نتائج وهمية متخيلة ونحشد الطرف ألآخر للحرب التي لم تقع ولا أحد يفكر فيها بل يتجنبها الجميع ويخافها الجميع لأن الرابح فيها لن يأخذ شيئاً سوى الرماد والدموع والمقابر والارامل والايتام؟