رؤي ومقالات

فراج إسماعيل يكتب :هل المصريون عرب؟!

جدل في الخلف تخلقه زوبعة الجامعة العربية.. وبالمناسبة ليست السعودية وحدها التي تطالب بأن يرسو عليها منصب “الأمين”.. بل الجزائر أيضا.
الجدل هل وجود الجامعة في مصر يمنحها هوية “العربية”؟!.. إلى وقت ليس ببعيد لم تكن الصومال وجيبوتي وجزر القمر أعضاء في الجامعة.. فهل أصبحوا عرباً بمجرد أن أصبحوا فيها، علما أن كلا منها لا تتحدث العربية!
وإذا كان الأمر مرتبط بلغة الحديث فدولة تشاد أولى، فهم يتكلمون العربية.
لو جرى تحليل عميق للجينات لن يكون هناك عرب اقحاح سوى القرشيين في جزيرة العرب وأهل اليمن. الهجرات البشرية والمصاهرة واختلاط الأنساب غيرت الدماء وأسالت الجينات في بعضها، وزد على ذلك الغزوات التي جعلت بعض سكان القرى والمدن في مصر مثلا بسحنة فرنسية وسط نهر أسمر!
في السعودية أصول كثيرة تركستانية وصينية وبخارية وتركية وفارسية ومصرية.
والأصول المصرية ليست ابنة العصور الحديثة.. وهناك قائل بأن الطائف اسم مشتق من اسم بنها القديم وأن “بكة” التي وردت في القرآن الكريم كإسم لمكة المكرمة، هو في الأصل كان اسماً لمنطقة في مدينة طيبة (الأقصر حاليا) في صعيد مصر.
الأهم من كل ذلك أن أم العرب السيدة هاجر، مصرية.. ما الذي جعل أبا الأنبياء سيدنا إبراهيم وهو عراقي، يمر على مصر، ويتزوجها من هناك، ويهاجر بها إلى مكة، لولا أنها كانت كلها أماكن معروفة لهم للتنقل والاختلاط والمصاهرة.
وحتى اللغة العربية كانت مختلفة في نطقها ورسمها حسب القبائل، ولذلك تعددت قراءات القرآن الكريم.
مصر توافدت عليها هجرات كثيرة وتعرضت لغزوات أكثر. لا يمكن نفي الجينات التي اختلطت أو تولدت من كل ذلك.. والقول إنه لا يزال يعيش فيها حتى الآن من يحملون العرق العربي النقي ممن هاجروا إليها من الجزيرة العربية، موضوع أقرب إلى الخيال.
هناك ذوو جذور تركية وشامية ويونانية وأفغانية وإيرانية. وهناك من لا يزال يفخر إلى اليوم بأن أصله تركي، خصوصا إذا ذهبت لتخطب منهم فتاة ذات جمال!
وبالتفسير العرقي ليس كل المصريين عرباً.. هناك أهل النوبة وهم حسب قراءاتي أصل مصر.. وهناك أهل سيوة الأمازيغ.. ومع أن الفئتين تتحدثان العربية فإن لكل منهما لغتها الخاصة داخل مجتمعاتهم.
وفي الصعيد تعرفت على أسر من “المساليب” و”مازن” يمتهنون الربابة والعود وإحياء الأفراح، ووجدت أنهم فيما بينهم يتكلمون لغة ليست العربية.
وعندما زرت ألبانيا التي حكمنا منها أسرة محمد علي وآخر ملوكها الملك فاروق، قابلني من يقول إن أجدادهم جاءوا من مصر. وتكرر ذلك في بعض مناطق زرتها في اليونان وكانوا يذكرون الإسكندرية تحديدا.
المحصلة أن الجغرافيا وحدها هي التي تحدد هوية الإقليم. الخليج مثلا تسجله الأمم المتحدة بأنه “الخليج الفارسي” وهذه تسمية صحيحة، وليس “الخليج العربي”.. وهوية العرب تنطبق على الدول داخل خريطة الشرق الأوسط من المشرق إلى المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى