شريف يونس يكتب : حكاية السادات

سياسة السادات في التوجه لاقتصاد السوق والانفتاح والتقارب مع الغرب، وفي الوقت نفسه التقارب مع الإسلاميين ومنحهم مساحات واسعة للحركة ومساعدتهم من خلال أجهزة الدولة، كل دا كان متسق مع بعضه تماما بحيث يبقى من العمى التاريخي والقصور الذهني تفتيته لسياسات “دحة” وسياسات “كخة”.
أصول السياسة (المترابطة مع بعضيها دي) ما ظهرتش بعد حرب اكتوبر، ولا لما السادات مسك السلطة، دي متأسسة من أوائل الستينات في نظام دولة يوليو (اللي يبدو إن فيه ناس فاكرة إنه 3 نظم مختلفة بتوع عبد الناصر والسادات ومبارك، أو نظامين، بتخييط مبارك مع السادات). في الفترة دي اتشكل جناحين جوا النظام، جناح بمصطلحات الفترة يعتبر يميني، بيجمع بين مطالب بتخفيف قبضة الدولة الاقتصادية (اسمها اشتراكية بمصطلحات الفترة)، وإيقاف الثورة لأنها حققت أهدافها وتأسيس نظام مستقر بمحكمة دستورية، ووضع كل دا تحت مظلة “اشتراكية الإسلام”، وبعبارات علمانية “الاشتراكية العربية” اللي هي ضد اشتراكية المعسكر الشيوعي. لكن حتى في الحالة دي فضل الرافد الديني في تبريرها ظاهر.
أما السلام مع إسرائيل فهو زي ما القطيع فهم أخيرا كان السياسة المعتمدة من عهد عبد الناصر كهدف، لكن التاتش بتاع السادات كان إنه اعتمد على إغراء الولايات المتحدة بالتحالف معاها وبالأدق الانتماء الكامل لمعسكرها. لكن المعسكر اللي بيأيد التقارب مع أمريكا كان موجود في النظام نفسه وكان معسكر معروف والسادات كان من ضمن اللي فيه.
وعلى المستوى الإقليمي والدولي، ماكانش فيه تعارض برضو. الحليف الإقليمي الأساسي (اللي كان له تار شخصي مع مصر الناصرية وعايز يهيمن عليها) السعودية، والحليف الدولي الأساسي، أمريكا، كانو بيلعبو لعبة الأصولية الإسلامية من قبل حرب اكتوبر وأفغانستان وكل الكلام دا، في سياق الصراعات الإقليمية ضد الناصرية والبعث، والعالمية ضد الاتحاد السوفييتي ومعسكره.
السياسة دي في التطبيق ماكانتش متناقضة إلا من زاوية واحدة، إن القوى اللي أطلقها السادات توحشت، بإحساس “شَبعة بعد جوعَة”. فالقطاع الخاص اللي عمله السادات عمل بلاوي، من التهريب للاحتكار للمضاربة للرشوة، كله، واللي نجى البلد إنها كانت لسا بتعتمد على القطاع العام اللي اتوسع بشدة في عصر السادات رغم الشعارات. والإسلاميين برضو توحشو في عملية تدمير لكل فن وفكر وثقافة، جزء منهم من جوا الدولة أو بالتعاون معاها (في التلفزيون والصحف وكدا)، وجزء منها اصطدم بالدولة صراحة بسبب معاهدة السلام وق تل السادات.
طبعا ييجو الليبرالجية وجنرالات القهاوي وغيرهم يلمو الكناسة اللي اتبقت من تحولات تاريخية عميقة مبنية على قوى مجتمعية مهمة، علشان يقولو دا دح ودا كخ، كأن سياسات السادات دي “سلة مشتريات” من سوبر ماركت، شرا أي “سلعة” مش مرتبط بشرا أي سلعة تانية. وكل اللي يتبقى في مؤخرة الدماغ فكرة من نوع: هو غلط لما شجع الإسلاميين ودفع تمن دا بإن هما نفسهم ق تلوه، وكأن التحولات الأيديولوجية الإسلامية في عصر السادات بدأت في عصر السادات، وكأن القوى الوحيدة فيها كانت الجماعات الجهادية.