لا أحتفظُ بالعناوين….بقلم نعمان رزوق

لا أحتفظُ بالعناوين
كأنني أرفضُ أن أفتح باباً باسمهِ ،
أنسى الأغلفة ..
التواريخ ..
القصد ،
لكنني أتذكّرُ ارتباك يديكِ
حين سقطَ الكأس في منتصف القصيدة
و أتذكّرُ صوت الزجاج
و هو يُعيد ترتيب المسافة بيننا .
لا أعرف ما الذي كنّا نقوله
و لا إنْ كنتِ تلبسينَ لونَ الحقول
أم لونَ النهاية ،
لكنني أتذكّر أن الشباك كان موارباً
و أنّ النسيم دخل مع خوفكِ
فلم يكن قبلكِ في الغرفة .
أنا الذي فقدَ الشوارع بأسمائها
و تاهَ في الخرائط ..
لكنّ زاويةً بين دكّانين ،
رائحةَ رطوبةٍ في أول المساء ،
و صوت امرأةٍ تغني لرغيفها ..
كلّها تعود ،
تمشي أمامي صفاً واحداً مثل يتامى يعرفون الطريق
و لا يملكون مفاتيحه .
جميع من أحببتهم ضاعوا في قلبي
فأنا لا أذكر من أين جاؤوا
و لا متى رحلوا ،
و لا تلك التفاصيل التي تصلح للنميمة ..
لكنني أذكرُ ضحكةً واحدةً
اندلقتْ من عينيكِ بلا سبب .. كأنها ماءٌ أزليّ ،
و تلك اللحظة التي لوّنتها بصمتكِ البريء ..
اللحظة التي جعلتني أشعر أن العالم خُلق للتو ،
خُلق صامتاً .
لكنني أدرك أن الذاكرةُ لا تحفظُ فهرسها
و لا تجلسُ لتدوّن ما يُنسى ،
لكنها تحتفظُ بطريقة الانحناء على الجرح ..
بمذاق الشاي حين يُغلى على حزنٍ بلديّ ،
بأصوات النعال و هي تهرب من موتٍ مبكّر ..
و بكاءٍ لم يكن يخصّني ،
لكنه أقام فيَّ حتى الآن .
فما يرحل باسمِه .. يرحلُ ،
وما يبقى ..
يمشي حافياً
إلى داخلي .