أحمد السيد النجار يكتب :مصر وقافلة الصمود

هل ستدخل قافلة الصمود إلى غزة سواء ذهبت عن طريق البحر أو من خلال الحدود المصرية. المؤكد أن جيش الكيان المجرم قاتل الأطفال والنساء سيمنعهم وفقا لتصريحات وزير دفاعهم الذي يتجاوز سعار الكلاب في عدوانيته وتصريحاته وفعل قطعانه العسكرية. إذن القافلة شأنها شأن القوافل الدولية التي تعرضت للمصير نفسه، مكرسة لفضح إجرام الكيان المجرم وتوجيه صرخة لضمير العالم بشأن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من تقتيل وتجويع، وهي صرحت بشكل واضح أنها لا تهدف لإحراج مصر. وفعل الشعوب بدعم فلسطين بما فيها الشعب المغربي الكريم، خيار شعبي يختلف عن عار التحالف والتعاون الاستراتيجي والعسكري بين الحكم في المغرب والكيان المجرم. وتصريح وزارة الخارجية المصرية بضرورة حصول القافلة على تصريح مسبق، يتسم بالحكمة والواقعية.
ويمكن لمصر حسب رؤية الدولة، أن تمنح القافلة هذا التصريح بالعبور من مصر والوصول لنقطة الحدود لفترة محددة بيوم واحد أو حسب ما تراه الخارجية المصرية والأجهزة الدفاعية والأمنية، على أن تتحمل القافلة والدول التي تنتمي إليها عواقب أي صدام يمكن أن يحدث بين القافلة وقطعان الصهاينة. مصر لم تمنع المساعدات عن غزة لأنها ببساطة هي من يقدم الجانب الأكبر منها رسميا وشعبيا، لكن إدخالها رغما عن جيش الكيان المسعور يعني صداما عسكريا، إذا أرادته الدول العربية والإسلامية فعليها المجيء لخوضه مع مصر جنبا إلى جنب، فمصر لن تخوضه بالنيابة عنهم. وكل قرارات الجامعة العربية ومؤتمرات القمة العربية-الإسلامية بكسر الحصار على غزة وإدخال الأغذية والأدوية والوقود، قرارات ناقصة ولا قيمة لها، فمن يريد فعل ذلك بجدية عليه أن يرسل كتائب من الدول التي اتخذت القرار لحماية قوافل الإغاثة البحرية والبرية، وتوزيع المواد الإغاثية في غزة، مع محاولة إشراك الأمم المتحدة وجعل العملية تحت رايتها، وأي استهداف صهيوني لها سيعني صداما صريحا مع مجموع الدول المشكِلة لها. أما القرارات على حالها فلا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه، وهي هزل في موضع الجد.
أما محاولة وصم القافلة بأنها من الإخوان، فإنه يسبغ على الإخوان شرفا غير واقعي، فخريطة المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة الإجرامية، تشمل كل التيارات في العالم العربي بما فيهم السلطة في مصر رغم كل ما يقيدها من اتفاقات ومديونية، وتشمل كل أصحاب الضمائر الحية في العالم عموما بما فيه الغرب رغم ما تقوم به دوله وفي مقدمتها رؤوس الشر الأمريكية والألمانية والبريطانية والفرنسية من تقديم الأسلحة والتكنولوجيا والتمويل للكيان المجرم.
أما الإخوان أنفسهم ففي إطار دعمهم المطلق لسلطة الأمر الواقع في سورية المكونة من مجموعات دينية متشددة كانت موصومة بالإرهاب قبل سيطرتها على السلطة في سورية، مرروا وبرروا صمت تلك السلطة على قيام الكيان المجرم باحتلال المزيد من الأراضي السورية، وصمتها على قيامه بتدمير كل أسلحة سورية ومصانعها العسكرية ومراكز أبحاثها. ومرروا وبرروا كل مساعي تلك السلطة السورية للتطبيع مع الكيان الصهيوني للحفاظ على تلك السلطة وتفادي أي صدام مع الكيان المجرم فالسلطة هي الهدف والقبلة. كما تجاهلوا ومرروا كل ما تفعله تركيا الأردوغانية وحليفتها التركمانية أذربيجان من تمويل الكيان المجرم بالغذاء والنفط. كما تجاهلوا أو مرروا قيام راعيتهم القطرية بالمشاركة في تدريبات ومناورات عسكرية مع جيش الكيان المجرم في وقت يقوم فيه بذبح الأشقاء الفلسطينيين في غزة والضفة. وذلك لا ينفي تعاطفهم ودعمهم للمقاومة في غزة بحكم أن القوة الرئيسية فيها (حماس والجهاد) تنتمي لنفس معسكرهم. لكن ذلك لا يبرر وصم القافلة بأنها إخوانية، فهي لم تتأسس على أي لون أيديولوجي، وفيها القوميين واليسار والناصريين والحقوقيين والليبراليين والإسلاميين ومن لا يمتلكون أي أيديولوجية سوى الإنسانية، ويجب التعامل معها برفق ورعاية وضوابط صارمة، وتفادي الروح الصدامية التي يشحذها البعض بصورة تسيء لمصر ولموقفها من القضية الفلسطينية وهو الأفضل شعبيا، والأفضل حتى على الصعيد الرسمي مقارنة بكل نظم الحكم في المنطقة العربية البائسة.