رؤي ومقالات

جمال محمد غيطاس يكتب :لا دفاع جوى أطلق طلقة ولا مخابرات اعترضت جاسوسا … وكل شيء يؤكد: مصر الغائب الحاضر

القاسم المشترك في هجمات الصهاينة منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن، أن طائراتهم تمرح في سماء المنطقة دون أن تواجه طلقة اعتراضية واحدة من أي دفاعات جوية سواء أرضية عبر أنظمة الدفاع الجوي أو جوية عبر طائرات اعتراض واشتباك وهجوم، وان أجهزة مخابراتهم تنفذ عمليات مؤلمة في جميع مواقع الصراع دون ان تنزف نقطة دم واحدة بسبب اجراء مخابراتي مضاد ـ.
حدث هذا في سوريا ولبنان واليمن وغزة وإيران والعراق.
السماوات المفتوحة امام الطائرات هكذا بلا اجراء دفاعي واحد، والبلدان والمجتمعات المفتوحة امام الموساد هكذا بدون اجراء مخابراتي هجومي او دفاعي واحد، يعني تلقائيا أن أنظمة حكم المنطقة من شعر رأسها لأخمص قدمها، عجزت أو تواطأت في القيام بمهامها الأساسية في حماية أوطانها ضد سياسات العدو، وأن جيوش المنطقة بهياكلها كافة، تجثم على انفاس شعوبها وتمص دمائها من دون ان يكون لها قيمة أمام طائرة واحدة من طائرات العدو.
وأجهزة مخابرات المنطقة بأنواعها كافة، تتفنن في تعذيب وترهيب وكتم أنفاس شعوبها، وتأكل وتشرب سحتا من دون ان تقدم شيئا له قيمة امام مخابرات العدو.
الحصيلة نظم حكم فاشلة، وجيوش وأجهزة امن إما مشلولة أو عاجزة أو ذات أداء مهترئ ليس به ذرة من كفاءة او نبل او شرف
عروش وجيوش وعسس، اتخذوا إلههم هواهم، فطبقوا سياسات علت فيها مصالحهم على مصالح اوطانهم، وقادهم ذلك الي ما تحت حذاء عدوهم الذي تجسد فيه هواهم فصار هو إلههم، فأورثوا شعوبهم اما الجهل واما الفقر واما المرض وإما الذل وإما السفه وإما بعض ذلك او كله.
هذا صراع حضاري وجودي ليس له سوى مصر …
التاريخ أكد ذلك مرارا وتكرارا، منذ أحمس وحور محب ومرورا بصلاح الدين وقطز وانتهاء بحرب أكتوبر
من يكابر ومن يداري ومن يلف ويدور هنا او هناك مخطئ
الثابت الآن أنه:
من غير مصر كل العرب هواء حتى ولو انتفخت اوداجهم وتذهبت وتفضضت عروشهم واستطالت وتمايلوا وتبختروا ومشوا فيها مختالين يصعرون خدودهم للناس
ومن غير مصر إيران بالون وتركيا قبل ان تخطو خطوة واحدة لها أن تتذكر ان جيشنا وقف على أبوابها فاتحا لولا ضغوط الغرب بأكمله.
الآن نحن امام المشهد المروع الذي لا فرق كبير بينه وبين الوقت الذي وصل فيه رسل هولاكو المغولي الي مصر وهي بلا حاكم تقريبا، يطلبون إليها أن تركع بلا قيد ولا شرط، بعدما دمروا كل من في طريقهم من بشر وحجر، مسلمين وغير مسلمين.
لكن حينما وصلوا إلي الوطن الصخرة تغير الوضع.
لم تكن شجاعة قطز ولا بسالة الجيش، بل كانت قبل ذلك صلابة وطن وقوة شعب وقيمة حضارة
الآن: من السودان جنوبا الي الخليج شرقا الي سوريا ولبنان شمالا لن تجد سوى الانبطاح والخذلان وتقبيل احذية الامريكان والصهاينة، ويكفي الخليجيون عارا أن بعضهم مول الضربة قبل ان تبدأ، علنا وبتريليونات الدولارات وسط موجات الهجص والرقص والهلوسة.
أما وطننا وشعبنا، فمن أعماقه ومن دمه وعرقه وعقله وجهده وجسده المكدود المعتقل وانفاسه المكتومة، يكافح على مدار الساعة، سواء واعيا أو غير واع، ليكون قدر ما يستطيع جاهزا ليوم سوف يقول فيه “لا ” الصحيحة الواقعية الحازمة الحاسمة.
كل ما يحدث يؤكد صحة ما نقول به: لا خيار ولا بديل سوى مصر
الشيء المؤلم والمصيري الذي يجب ان نعيه جميعا:
هل هذه مصر؟
وأين هي مصر؟
ومتي تعود؟
وكيف تعود؟ وبأي تكلفة؟
كل دقيقة تمر دون عودة مصر تفرز نتائج سلبية لا حصر لها على الجميع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى