بالفجرِ أتعمدُ….بقلم محب خيري

بالفجرِ أتعمدُ،
ومحرابي ترابٌ معتقٌ بعبقِ التاريخ.
لا أتطهرُ لمدحِ الأوطانِ
من سِجِلٍ يابسٍ.
أيها الوجوهُ العابسةُ في محافلِ الذهبِ،
ستذبلونَ بصدأِ الأيامِ
وتتلاشونَ كوشمٍ على الماءِ.
تخطّونَ بأظفارِ الكراهيةِ
وتُرفرفُ طيورُ النيلِ فوقَ هاماتنا
وتُسقى النجومُ من عرقِ الجباهِ.
قبلَ أن تنثروا رمادَكم حقدًا على سنابلِ القمحِ،
تأملوا روحَ الأرضِ السمراءِ.
وباركوا عطرَ البنفسجِ،
قبلَ أن تلامسَ أيديكم شفارَ الخرابِ.
لا تتباهوا..
ستُمزقكم رياحُ التحدي وتمضي عارية.
أيها العابرونَ من فجواتِ الزمنِ،
هل لمستم حفيفَ النيلِ
وهو يروي عطشَ القرونِ..
لترتوي منهُ الصحراءُ
فلا يرتشفه الطامعون؟
هكذا تُضيءُ مصرُ ليلًا
وفي الصباحِ
تُبصرُ مجدَها على ضفافِ النورِ
للبشريةِ.
يا أعذبَ الأنهارِ حكمةً،
وأعظمَ السائرينَ على خطى الشمسِ،
وأنتِ تُغازلينَ الأفقَ عن نفسهِ،
لماذا تتوهجُ الحضارةُ
كلما صمتَ الباطلُ؟
عنيدُ القلبِ لساني،
فكيفَ توصيني يا هوميروس
أن أصفَ المجدَ هامسًا؟
وهي نخلةٌ، كلما ضمّت ذراعايَ خاصرَتَها،
نبتت أشرعةٌ للغدِ
وأجهشَ الشاطئُ بالآمالِ.
أيها الغائبُ في صخبِ الغبارِ،
هل تخبرني
من أينَ تبدأُ خصْرُ مصرَ
وأينَ ينتهي؟
يا صهوةَ الجمر في الذاكرةِ،
قنديلُنا النيلُ،
فلا تدخلي النسيانَ دوني،
فالنيلُ لا يخطئُ وجهَ الصباحِ.