أكاذيب متأنّقة ……. بقلم // نرجس الشجيري // العراق

“أكاذيب متأنّقة”
شقاءٌ حقيقي، أن تعيش كذبةً جميلة، بضفائرَ طويلة
تنتهي بعقدة مشنوق،
تتدلّى كمداليةٍ على مؤخرة حقيبة يد.
أن تغرّد بصوتِ غراب، وأنت ترتدي زيّ بلبل.
أن تهاجم كالأسد حين لا يراك أحد،
وأنت فأرٌ جبان حين تنكشف للضوء.
يعجبني صوت الرصاص أكثر من الأغاني الهادئة،
فأذني ألفته منذ الطفولة…
حين كان أبي نادرَ الضحك، نادرَ القُبل،
نادرَ الوجود بيننا.
سألته ذات مرة،
عن الكلمات التي يتغنّى بها المتأنّقون، يصعدون بها المنصّات،
كما يصعد المهرّج على المسرح.
فقال لي:
يا بُنيّتي،
استمالة العقول الخاوية
لا تحتاج إلى جهدٍ كبير،
تكفيها لمسةُ أناقة…
وبعض التصفيق.
الألفاظ المنمّقة تُستعمل كما ننتقي أحذيتنا،للوقوف بثباتٍ على منصّات الكلام.
نرتدي حِكمًا وأقوالًا جاهزة،
نرفع شعاراتٍ مستهلكة،
نصرخ بخُطبٍ محفوظة،
فقط لنُبهر قطيعًا يلهث خلف الأضواء…
مجتمعُنا؟
متمدّنٌ في الشكل،
ميتٌ إكلينيكيًا،
معاقٌ سريريًا،
متكسّحٌ لغويًا،
متعصّبٌ جهلًا،
متقاعدٌ عقلًا…
مات وهو قاعد،
يخوض آخر معاركه في مياه الصرف الصحي،
يمسك بحوتٍ
يبلغ مليون طنّ من الأكاذيب والقاذورات.
المأساةُ الكبرى
أننا لا نؤمن بما نقول،
لذا نردّده دومًا
بصوتٍ باهت،
مثيرٍ للشفقة والبؤس.
#نرجس_أثـَر_فُـ,ـرآشُـُـُُـُة