أشرف الصباغ يكتب :الوضع في إيران وحولها أسوأ مما نتصور!!

الصواريخ والحجم الهائل للدمار وألسنة النيران والبيوت والمؤسسات المهدمة لا تسمع كلمات الدعم والمساندة، ولا تنتبه لخلافات الناس وملاسناتهم واتهاماتهم لبعضهم البعض بالخيانة والعمالة.. الموضوع على الأرض أكثر سوءا، بعيدا عن التمنيات والآمال..
روسيا لم تسحب فقط موظفي قنصليتها في إيران، بل سحبت كل المدنيين الموجودين، بمن فيهم فريق ممثلين مكون من حوالي 100 شخص كانوا يصورون فيلما في إيران. وإيران الآن، أوقفت المفاوضات مع الولايات المتحدة. ووضعت نفسها أمام عدة احتمالات كلها أسوأ من بعضها. فعند أول خطوة لإغلاق مضيق هرمز أو مضيق باب المندب، سيتحول العالم كله ضد طهران. وليس من المستبعد أن تتدخل قوى غربية، على رأسها الولايات المتحدة، وبدرجات مختلفة، لتنفيذ إجراءات في غاية الخطورة، قد تتجاوز ما حدث مع نظام صدام حسين.
وفي حال قيام طهران بأي مغامرة ضد القواعد الأمريكية في الخليج، أو الاعتداء على أي دولة خليجية، سيعرض إيران بالكامل لنفس مصير العراق.
ودخول إيران في مفاوضات لإيقاف الحرب، أو تقديم تنازلات في ملفها النووي، سيكونان بمثابة انسحاب، أو هزيمة، او استسلام.
من الواضح أن التحذيرات الأمريكية، خلف الأبواب المغلقة، أشد قسوة مما يتم تصويره في وسائل الإعلام. ويبدو أن الأمور تتجه الآن ليس فقط نحو التخلص من القيادة العسكرية الإيرانية، بل وأيضا في اتجاه القضاء على القيادة السياسية.
دعنا من التمنيات والآمال بتدخل روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية عسكريا أو حتى أمنيا، لأن ذلك سينقل المواجهة إلى مستوى آخر تماما. كما أنه لا يوجد أي دافع لأي من هذه الدول الثلاث لإعلان الحرب على إسرائيل والولايات المتحدة. والمقصود هنا، دافع يتعلق بالمصالح الوطنية لأي من الدول الثلاث.
وفيما يتعلق بروسيا في هذا المقام، هو أن موسكو تحاول التصرف كساعي بريد أو “وسيط!”. ولكن حتى الآن، لم تنجح مساعي بوتين في أي من المسارين. وتقف الأمور عند إبلاغ الرسائل القاسية والصارمة التي تقارب في جوهرها “الإنذارات النهائية”. من جهة أخرى، استطاع ترامب أن يعمل على تحييد روسيا في تلك المواجهة الإيرانية. ومن الصعب أن يتخذ الرئيس الروسي بوتين أي خطوة تغضب ترامب- النزق المتعجرف، لأن ذلك سينعكس على ملفات أخرى تمثل لبوتين أهمية قصوى، سواء في يخص الأزمة الأوكرانية او فيما يتعلق بصراع روسيا مع الاتحاد الأوروبي ودوله الكبرى.
من الصعب تصور تراجع إسرائيل. ومن الأصعب تصور استسلام إيران. وأي خطوة سياسية الآن من جانب إيران، ستكون في جوهرها ومجملها، استسلام. وهذا يقتضي من الأطراف المعادية الأخرى عدم الاستجابة، بل مواصلة تدمير كل القدرات الإيرانية، والعمل في الوقت نفسه على تصعيد قيادة سياسية قادرة على “التفاهم” أو “الحوار” أو “المفاوضات”.
بعيدا عن آلة الدعاية، وبعيدا عن التمنيات والآمال، من الصعب مقارنة الدمار في كل من إيران وإسرائيل. والأخطر أن الأولى تستخدم الدمار لديها كورقة مظلومية تخدم الجانب الدعائي. بينما الثانية تستخدم حجم الدمار لديها كسبب وكدافع لمواصلة الحرب والمزيد من إيقاع الدمار بالخصم.