فيس وتويتر

محمد البرغوثي يكتب :معهد وايزمان للعلوم

قبل قليل نقلت الجزيرة عن نيويورك تايمز خبرا عاجلا عن إصابة مركز بحثى إسراeلى بأضرار كبيرة واندلاع حريق فى مختبراته نتيجة استهدافه بعدة صواريخ إيرانية.
على الفور تمنيت من كل قلبى أن يكون هذا المركز هو ” معهد وايزمان للعلوم” فى رحوفوت.
وبعد دقائق أكد موقع يديعوت أحرونوت الإسراeيلى أن المركز البحثى المقصود هو معهد وايزمان للعلوم. وأضاف الموقع العبرى أن النيران اندلعت فى مختبراته.
وهذا المعهد أسسه فى فلسطن المحتلة وبأساليب غاية فى اللؤم والخسة الكيميائى الروسى الصhيونى حايبم وايزمان عام ١٩٣٤، نعم التاريخ صحيح١٩٣٤ ، أى قبل إعلان قيام دولة الكيان المحتل عام ١٩٤٨ ب ١٤ سنة كاملة. بمعنى أن الصهاينة أقاموا مؤسساتهم التعليمية مثل الجامعة العبرية ، والبحثية مثل معهد وايزمان ومستشفى هيداسا قبل قيام الدولة.
لقد كان وايزمان المولود فى روسيا واحدا من أهم الآباء المؤسسين لدولة الكيان المحتل وقد نجح أثناء الحرب العالمية الأولى وبوصفه عالم كيمياء فى تطوير طريقة متقدمة فى التخمر الصناعى أدت إلى انتاج كميات ضخمة من مادة الأسيتون التى يتم تحويلها بعمليات بسيطة إلى مادة متفجرة تسمى ” كوردايت” وسارع وايزمان بإهداء هذا الإنجاز العلمى إلى بريطانيا التى استفادت منه فى إنتاج أسلحة شديدة التفجير ساعدتها فى الحرب العالمية الأولى، ثم قدم وايزمان لبريطانيا انجازه الأهم عن تسيير السفن العملاقة بوقود سائل بدلا من الفحم ، ومقابل هذا حصل على وعد بلفور بمنح فلسطين للصهاينة بعد انتهاء الحرب.
وكان أهم وأعمق انجاز حققه وايزمان بعد ذلك هو إنشاء معهد التخنيون أى معهد التقنيات المتخصص فى الدراسات العلمية بعد الجامعية وخصوصا فى الرياضيات والكيمياء والفيزياء ، وتمكن من ذلك فعلا وتم افتتاح المعهد عام ١٩٣٤ أى قبل إنشاء الدولة ذاتها ب ١٤ عاما!!
والحقيقة أن هذا المعهد الذى قدم خدمات علمية جبارة لدولة الكيان هو الذى رشح مؤسسه حاييم وايزمان لأن يكون أول رئيس للدولة. والأهم أن هذا المعهد العملاق تحول خلال عقود إلى النبع الأساسى الذى خرجت منه كل البحوث التطبيقية العلمية التى مكنت الكيان من التقدم العلمى الكاسح فى مجالات علمية شديدة الأهمية مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات والزراعة وعلوم الحاسوب والصناعات المتقدمة فى كل المجالات، وقد حصل عدد من باحثيه على جوائز علمية مرموقة من بينها ٣ جوائز نوبل على الأقل.
والشاهد أن الرئيس جمال عبد الناصر كان قد انتبه إلى خطورة هذا المعهد فأصدر قرارا جمهوريا عام ١٩٥٥ تقريبا بإنشاء المركز القومى للبحوث فى حى الدقى لتنافس به مصر دولة الكيان فى ملاحقة التقدم العلمى. وشاءت أقدارنا وكراهية حكامنا للتعليم والبحث العلمى أن تتعثر بحوث المركز القومى وأن يتحول إلى مانعرفه الآن: إمكانية جبارة بلا ميزانيات ولا إرادة تنهض به من كبوته.
والحاصل الآن أن إيران انتقمت اروع انتقام لاغتيال عدد من علمائها فى مجالات الطاقة الذرية وهندسة المفاعلات ، ونجحت فى استهداف هذا المعهد الذى تعتبره دولة الكيان قاطرة نهضتها العلمية المتواصلة ، والأهم عقلها المبتكر لأخطر برامج وتقنيات الذكاء الصناعى وتطبيقاتها العسكرية والتجسسية.
المثير فى الأسيتون الذى اكتشف فيه وايزمان منجما لمواد متفجرة، أنه تحول عند العرب إلى مادة تجميلية نستخدمها الآن فى إنتاج طلاء أظافر النساء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى