امرأة تمشي على جليد الذاكرة…..بقلم محب خيري

امرأة تمشي على جليد الذاكرة
أنا الذي خرجَ من سرّة الغبار،
من ضلعٍ مُطفأ لا يشتهي النور،
جئتُ إليكِ
وفي جيبي حرائقٌ لا تُطفأ،
ورفاتُ أحلامٍ كانت ترتدي معاطف المهرّجين.
يا امرأةً لم تُمسكها الكتب المقدّسة،
ولا سقطتْ من أعين المجاز،
أنا العابر بين ضلوع المدن،
أحمل على ظهري خيمةً من ريشٍ أسود
وأعلّق فمي
في زاوية الريح،
كي لا أصرخ باسمكِ
كلما انكسرتُ على رصيفٍ جديد.
🌸
في قلبي
شجرةٌ تقتات من الدخان،
جذورها مغروسةٌ
في ضحكةٍ فقدت شفاهها
وأغصانها
تصفّق لأعيادٍ تجهلني
أعرفُ أنكِ ستجتازين هذا الحطام
كما تجتاز الطيور صحراءً من الزجاج،
بأجنحةٍ من شكٍّ
وأناملَ من ندم.
🌸
لي وجهٌ لم تعترف به المرايا،
وجهٌ محكومٌ بالحذف،
يعيش في هوامش الصور الجماعية،
ولا يُذكر في تأريخ القصائد.
كتبتُ لكِ مرثيةً
بمدادٍ مأخوذ من فم الليل،
وقلبٍ يقرع جرسه
كأنه يسأل:
هل كنتِ نائمة
حين انهارت مدينتي؟
🌸
أيتها المنسية في عناوين البريد القديمة،
يا أغنيتي التي نزفت على أطراف الموج،
جسدي صليبٌ مُنكر،
لا يحمل غير الطين،
ولسانٌ لا يتقن غير لغتكِ حين تبكين.
لقد علّمتني الطعنة كيف أكتب،
وكيف أترك أصابعي مفتوحة
كفم العتمة
التي تبتلع الأمنيات.
🌸
أمس،
حين عبرتُ المقبرة ولم أرَ اسمكِ،
فرحتُ للحظة
ثم بكيتُ لعشر سنوات.
كأنني تذكّرتُ أنكِ
لا تموتين،
بل تختفين كغيمةٍ هاربة
من نشرة جوية كاذبة.
🌸
قولي لي،
كيف يبدو العالم من علُ؟
هل القلوب هناك أخف؟
هل النساء لا يحلمن برجالٍ مثل قنابل مؤجلة؟
أنا هنا،
أحمل جرحي كما يحمل العصفور سُماً في حنجرته،
وأغنّي باسمكِ
كأنني أنقذُ نفسي من السقوط.
🌸
إذا عدتِ،
ستجدينني أزرع الرماد في أصصٍ صغيرة،
أرسمُ الوجوه التي نسيتها
وأصنع منها آلهةً مؤقتة.
سأفرش لكِ قلبي
كحصيرةٍ في صيفٍ لا يرحل،
وأدعوكِ
أن تجلسي قليلاً…
أن تسأليني:
كم موتاً يكفي لكي تصبح إنسانًا؟