رؤي ومقالات

السفير أحمد مجاهد يكتب :تقدير موقف فى اليوم السادس من عدوان دولة الاحتلال الإسرائيلى على إيران

١- ما زال تقديرى منذ الانطباع الاول المبكر أن الغاية النهائية الإسرائيلية Endgame هى إسقاط النظام الإيرانى. وما زال تقديرى أن هناك فجوة بين موقف دولة الاحتلال وبين الموقف الأمريكى الذى كانت غايته تعديل السلوك الإيرانى وفقا للشروط الأمريكية.
لكن يبدو أن خطة نتنياهو تمثلت فى تحقيق نجاحات عسكرية باهرة -الوصول للقيادات العسكرية الإيرانية واغتيالها فى مكامنها، وفرض التفوق الجوى الشاسع (ولا أقول السيادة الكاملة على السماء الإيرانية كما يشاع)- بما يخلق وضعا يجعل انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب الإسرائيلية لإنهاء المهمة أمرا مغريا لترامب، من خلال إقناعه بأن ضربة أمريكية بمقدروها وحدها القضاء على القدرات النووية الإيرانية، التى غالبا سيتبعها سقوط النظام الإيرانى وفقا للحسابات الإسرائيلية، حتى وإن كان ذلك لا يخدم المصالح الأمريكية فى المنطقة من زاوية الاستقرار الإقليمى والمصالح التجارية وضمان أمن الطاقة.
٢- فى الوقت ذاته، يبدو أن هذه النجاحات الإسرائيلية الباهرة وازنتها نجاحات إيرانية كبيرة -أى إخفاقات إسرائيلية كبيرة وغير متوقعة- تمثلت فى نجاح إيران فى اختراق القبة الحديدية أكثر من مرة، وتدمير منشآت عسكرية ومخابراتية واقتصادية بالغة الحساسية فى تل أبيب وحيفا. وكل شى نسبى. أيضا، يبدو أن إخفاق خطة الانقلاب التى تشير بعض التقارير إليها، وعودة الدفاعات الجوية الإيرانية للعمل قد أقلقت الجانب الإسرائيلى، فضلا عن اتضاح قصور القدرات الجوية الإسرائيلية عن الإجهاز على القدرات الصاروخية والنووية الإيرانية.
٣- حتى الآن، المواجهة ما زالت فى مرحلة حرب الاستزاف القصوى الهجينة التى استخدمت فيها الاسلحة المخابراتية والإلكترونية والسيبرانية، ولكنها ما زالت مركزة بالأساس فى سلاح الجو من الجانب الإسرائيلى والصواريخ من جانب إيران والدفاع الجوى من الجانبين. الطرفان ظهرهما إلى الحائط، وعلى المحك البقاء السياسى لنتنياهو واستمرارية جمهورية ولاية الفقيه الإسلامية فى إيران. وبالتالى فالتراجع ليس على أجندة نتنياهو والاستسلام فى هذه الظروف ليس مطروحا من جانب المرشد الأعلى خامنئى.
٤- بالرغم من ذلك، من الواضح أن إيران -حتى الآن ورغم الإخفاقات الكارثية والقضاء المتوالى على القيادات العسكرية- لم تفقد التوازن بشكل كامل، ومازال بمقدور قوات الحرس الثورى والجيش الرد وشن الحرب الدفاعية، ولكنها تواجه العدوان الإسرائيلى وفى ذهنها غياب الحلفاء ومحدودية مخزونها الصاروخى وهشاشة الوضع الداخلى على النظام، و-الأهم من ذلك- أمريكا وطاولة المفاوضات، وأيضا القوى الدولية الأخرى، حيث التزمت طهران حتى الآن بقواعد اشتباك واضحة تبتعد عن استهداف المصالح الأمريكية وإمدادات الطاقة الدولية فى الخليج، كما حرصت على عدم فتح جبهات الوكلاء الإقليميين.
٥- دخول أمريكا الحرب يغير المعادلة (تصريحات ترامب الأخيرة وتحولات المشهد ترجحان احتمال انضمام واشنطن)، حيث إن النظام الإيرانى سيشعر بدنو أجله وربما يدخل مرحلة “التلويش الأخير” بضرب المصالح الأمريكية ومصافى النفط والغاز. لكن ترامب متقلب المزاج وتصريحاته غير منضبطة، وقد يغير قرار الانضمام لدولة الاحتلال، أو يضع سقفا مرحليا على الإسهام الأمريكى، أو قد يؤجل بعض الشئ، وذلك فى ضوء تقديرات وحسابات المؤسسات الأمنية والدفاعية من جانب، ومقتضيات التوازن داخل النخبة الحاكمة المنقسمة بين مجموعة الإنجيليين الصهاينة الداعمين بقوة لإسرائيل وللتدخل إلى جانبها وبين مجموعة (ماجا) التى تفضل تحسين حالة الاقتصاد والعزلة فى السياسة الخارجية. سنعلم خلال الساعات القليلة القادمة.
٦- فى هذه الآونة، لابد أن مسارات ثلاثة تعتمل بكثافة وتصارع الزمن:
– قنوات اتصال دولية وإقليمية نشطة لكبح جماح دولة الاحتلال ومنح إيران مساحة لحفظ ماء الوجه والعودة للمفاوضات، وذلك تخوفا من انطلاق تسونامى من عدم الاستقرار الإقليمى المصحوب بتأثر إمدادات الطاقة العالمية، فضلا عن احتمالات التسرب النووى.
– ضغوط وتحركات إسرائيلية عارمة لإقناع الجانب الأمريكى بالتدخل الكامل والسريع لضرب منشأة فوردو بالقنبلة الأمريكية العملاقة GBU-57 التى لا تستطيع حملها إلا طائرات الشبح قاذفة القنابل B2، فضلا عن التدخل لحماية السماء فوق دولة الاحتلال، التى يبدو أن قبتها الحديدية انكشفت نسبيا.
– مساع إيرانية: لإجراء تفجير نووى رادع، إذا كانت تمتلك هذه القدرة، وجهود كثيفة لاستباق محاولات متوقعة للانقلاب أو تحريك الشارع أثناء أو عقب ضربة أمريكية-إسرائيلية -وربما غربية- شاملة تكون مصحوبة -ربما- بتدخل برى من القوات الخاصة.
الساعات القادمة كاشفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى