حمزه الحسن يكتب :عصابات بعنوان دول

غالبية المواطنين العرب يعرفون أن الحكام العرب مخصيون عقلياً وفكرياً وسياسياً،
والذكورة ليست أعضاءً بل موقفاً كما الإنوثة، ولا يحتاج هؤلاء الى كشف وتحليل لاكتشاف هذا الخصاء المخجل،
لكن الموقف الايراني الشجاع بل الباسل عرى هؤلاء الخصيان علناً بعد ان كان سراً ومراوغة والتفافاً .
هل الرد الفوري الايراني السريع على العدوان الاسرائيلي كان نتاج غضب دولة ضرب شعورها الوطني والكبرياء القومي؟ هل الغضب يكفي لهذا الرد الممنهج والمنسق بعد قتل الصف الاول من القادة الكبار؟
أم ان هذا الرد الفوري نتاج تخطيط طويل واعداد دقيق لكل الاحتمالات بما في ذلك أسوأ الاحتمالات .
في حديث سابق قبل شهور قال الجنرال علي شمخاني وزير دفاع سابق ومستشار المرشد الاعلى والامين العام لمجلس الامن القومي وهو عربي الاصل الذي أصيب في الهجوم الأخير:
” نحن في مجلس الامن القومي نفكر بعقل العدو لنعرف كيف يفكر”.
نظرية الاحتمالات : Probability theory علم يدرّس في الغرب في جامعات ومراكز الابحاث وحتى في محلات التسوق يضع الاحتمالات الممكنة والعشوائية،
وهو علم لا يقرأوه الحكام العرب اذا كانوا يقرأون شيئاً عدا قوائم الأرصدة المسروقة وقوائم الاغتيالات ،
وكان العلماء العرب القدامى ــــــــــــــ صرنا نتحدث عن قدامى وجدد ــــــ قد طوروه أثناء دراستهم لعلم التشفير، بين القرنين الثامن والثالث عشر الميلاديين. الخليل بن أحمد الفراهيدي كتب كتابا في هذا الاتجاه لكن عرب اليوم نسوه وتبناه الغرب من قبل بيير دي فيرما وبليز باسكال الى الفيزيائي والفلكي الهولندي كريستيان هويغنس.
قد لا تتحقق كل الاحتمالات وربما يظهر احتمال غير متوقع من تشابك ظروف لكن حتى هذا الاحتمال غير متروك للمصادفات وله هامش بعنوان: الاحتمالات العشوائية،
لذلك جاء ترميم واعادة هيكلة القيادة بأسرع ما توقعت إسرائيل التي اعتمدت على نموذج الضربة الخاطفة في الخامس من حزيران 67 على مصر وسوريا والاردن وأدت الى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان.
صحيح ان العرب لا يقرأون التاريخ وأن موشي ديان وزير الدفاع يومها قد طلب خطة حرب عام 56 قبل حرب 67 لكن الجنرالات أخبروه ان العرب يعرفون الخطة، فرد ضاحكاً: العرب لا يقرأون التاريخ, ونفذ الخطة ونجحت وسحق جيوشا عربية في ستة أيام.
لكن الايرانيين قرأوا التاريخ بل التاريخ الاسرائيلي جيدا وفوجئت عام 1989 أن وجدت في مكتبة طهران ــــ القسم العربي مذكرات جنرالات اسرائيليين مثل: انشاء وتكوين الجيش الاسرائيلي للجنرال المؤسس إيغال ألون، سيرة كولدا مائير رئيسة وزراء ومن مؤسسي الكيان، مذكرات موشي دايان، وكتاب لهنري كيسنجر وزير خارجية امريكا العريق ” درب السلام الصعب” وكتب اخرى تحت عنوان : اعرف عدوك.
الصواريخ الايرانية لم تسقط فوق مدن اسرائيلية فحسب بل فوق النظام العربي وكشفت علنا انها نظم عصابات بعناوين مزورة تفتقر لكبرياء العصابات : دول, لذلك كل ما صار يخشاه هؤلاء الخصيان هو خروج ايران منتصرة بل هي منتصرة من لحظة مواجهة قوى الشر في العالم في اكبر تحالف دولي ضد دولة محاصرة منذ عام 79.
منذ ذلك التاريخ ومعزوفة الخطر الفارسي تتكرر ثم تطور الى الخطر الصفوي لخلق صورة بديلة عن الخطر الاسرائيلي ثم جرت مناقشات طويلة ومنظمة ومكررة ــــــــــــــــــ التكرار يرسخ الأكاذيب ـــــــ عن لقاء المشروع الصهيوني والمشروع الصفوي .
هل نحن بحاجة بعد كل تلك التجارب والخيبات والحروب الى معرفة ان المشروع الصهيوني هو وهم لخلق ” مفهوم القضية” بخلق جذور لها لمن لا جذور لهم وان ما يسمى المشروع الصهيوني لا وجود له في الواقع ، والموجود هو مشروع استعماري غربي للهيمنة والسيطرة تحت شعارات توراتية لخلق مفاهيم حارة تدفع لتحمل الشقاء والموت كما فعلوا في صنع المنظمات الارهابية بطلاء عقيدة دينية حارة،
ولا وجود لمشروع صفوي ايضا بل مشروع مقاومة هذا الكيان ومقاومة سلطة المركزية الغربية في جعل الغرب نموذجا في كل شيء وهو حق مشروع.
يطرح سؤال هذه الايام عن تناقص عدد الصواريخ الايرانية وفي الحقيقة تخلصت ايران من مخزونها القديم السابق من الصواريخ برميه فوق اسرائيل لكي تفسح للجيل الجديد من الصواريخ في الظهور وهو لا يحتاج الى كميات كبيرة بل عدد محدود ومدمر في منهج حرب استنزاف قد تطول وهو كابوس اسرائيلي غير محتمل لانه يعني تفسخ وتأكل الكيان بتدرج وهو مثقل بأزمات ثقيلة.
عرت ايران نظام الخصيان العربي وأفسدت مشهد نياشين حروب لم تقع إلا في قصور مرتهنة سينعق فيها البوم في الليل وستعوي في ثكناتها الكلاب يوماً . ألم يحدث هذا مرات؟
الصورة : مقهى نادري للنخبة الايرانية الادبية ومكاننا المفضل في شارع جمهوري اسلامي وكتبت عنها في رواية” الأعزل” السيروية لأنها الوجه المخفي الجميل من طهران. ايران وضعتها وسائل الاعلام في صور نمطية لكن الواقع الحقيقي مختلف تماماً.