خالد رفعت صالح يكتب :من اين نبدأ؟

= كان السؤال في القرن الماضي في كل الدول الراغبة في النهوض هو “هل نبدأ بالاصلاح السياسي ام الاقتصادي؟” ..
= بعض الدول اختارت البدء بالاصلاح السياسي مثل الهند والفلبين والبرازيل والارجنتين .. ده على اساس ان لما المسئول يجي عن طريق الشعب وحده .. ويقدر الشعب يشيله حيكون هدف المسئول هو خدمة الشعب فقط وليس الاستمرار على الكرسي للابد .. ولن يسرق الحاكم وحاشيته او يتخذ اجراءات مستفزة لانه عارف انه ممكن يتحاكم اثناء او بعد انتهاء ولايته. .. وبالفعل نجحت البلاد دي في التقدم الاقتصادي بعد تطبيق الديمقراطية. الهند الان اصبحت قوة اقتصادية رهيبة وانتشلت مئات الملايين من الفقر ومتوقع ان تكون ثاني اكبر اقتصاد في العالم بحلول ٢٠٥٠ ..
= بينما اختارت بعض الدول البدء بالاصلاح الاقتصادي اولا مثل الصين وماليزيا وسنغافورة وغيرها … كلها بدأت بحاكم قوى عنده رؤية وهدف (مثل دينج شياو بينج ومهاتير محمد و لي كوان ) .. وده على اساس ان الفقير الجاهل ممكن يبيع صوته لذلك لابد من تعليم وانتشال الشعب من الفقر قبل منحه الديمقراطية. وده اللى حصل بالفعل في اغلب دول شرق اسيا اللى بتنعم بحكم ديمقراطي (لسه الصين لم تصل لذلك بعد).
= بالطبع لكل طريق مزايا وعيوب .. مش مجال اني اسردها او اكتب مصطلحات مجعلصة وكلام عام اتقتل بحث في اخر خمسين سنة (اه والله واحنا لسه بناقش ازاي نبدأ) … تعالوا للحالة المصرية اللى تهمنا ونطبق الكلام ده :
= لو انت عاوز اصلاح سياسي وانتخابات حرة عشان تجيب مسئولين يخدموا الشعب وللشعب القدرة على محاكمتهم وعزلهم على كل المستويات حتواجهك التحديات دي.
– هل عندك وعي شعبي يقدر يمنع بيع الفقير الجاهل لصوته مقابل كرتونة لسد جوعه ليوم او اتنين؟ .. هل حتقدر تفهم الفقير او الجاهل ان لو مباعش صوته للفسدة والحرامية حيعيش طول عمره شبعان من خير بلده؟
– هل حتسمح المؤسسة العسكرية برئيس مدني يكون القائد الاعلي لها؟ بدعوى اننا بجوار اسرائيل (بينما بيحكم اسرائيل اللى في حالة حرب دائمة رؤساء وزراء مدنيين في اخر ربع قرن اولمرت محامي – بينيت محامي – ليبيد صحفي – نيتياهو مهندس).
– هل عندك حزب له شعبية حقيقية في الشارع زى حزب المؤتمر الهندي اللى قاد الاصلاح السياسي في الهند .. (او زى حزب الوفد قبل ١٩٥٢) .. هل عندك احزاب اصلا ؟؟
– هل مستوى وعي اغلب الشعب عندك يجعله ينتخب مسئول ذو كفاءة ولكنه مختلف عنه … يعنى لو مسيحي او سيدة او علماني؟ .. ام حيتضحك عليه انتخب الحاج فلان ده راجل بتاع ربنا؟ ولا حيصدق اللى بيرفعوا شعارات الوطنية الزائفة ولا شغل السهوكة؟
= وفي المقابل لو قررنا نبدأ بمسار الاصلاح الاقتصادي الاول حتواجهنا تحديات تانية .. هل حنقدر نتغلب عليها :
– هل عندك نظام اداري وقضاء بيشجع على الاستثمار؟
– هل عندك اصلا رجال اعمال وطنيين مستعدين لعمل مشروعات للتشغيل المستدام للشباب والتصدير زى الصناعة والزراعة ولا عاوزين مشاريع استثمارية ذات عائد سريع زى الكافيهات والمطاعم والملاهي والاستثمار العقاري؟
– هل عندك مجلس نواب عنده القدرة على تشريع قوانين تسهل الاستثمار وتوجهه للمجالات المفيدة للبلد ولا مجرد مجلس بيبصم على اللى النظام بيبعته لانه ببساطة هو اللى جايبه !
– هل حيتخارج الجيش من المشروعات المدنية؟ لان مفيش مستثمر ممكن يتنافس مع الجيش .. اقصى حاجة انه يشاركه.
– هل حتقدر تقضى على النهب المنظم لموارد البلد المهولة وتطبق القوانين على حيتان الفساد اللى الكل عارفهم وعارف هما واجهة لمين؟
= اذا كانت اغلب الاجابات للتحديات السابقة هي “لا” .. فانت لن تستطيع تطبيق لا اصلاح سياسي ولا اقتصادي … طب ايه الحل يا عم خالد .. انت بس سودتها في وشنا .. الحل المناسب لظروفنا من وجهة نظري حاقترحه ان شاء الله في البوست القادم لو لينا عمر.