كتاب وشعراء

على سطح البيت الكبير….بقلم نجمه آل درويش

على سطح البيت الكبير بقوا فيها أحياء على صوتِ طابورِ المدرسة، صافرةِ الإنذار، الطائراتِ الحربية، وطلقتِ الرصاص، نبتت ذاكرتي. على مشاهدِ الحربِ والخراب في التلفاز والإنترنت، وعلى أفلام الكرتون: الصياد رامي، كابتن ماجد، سالي، وفلونة، كبرتُ على أصواتٍ لا تزالُ تناديني من بعيد. ماطوراتُ النخيل، أشعةُ الشمسِ في الصيف، ليالي رمضان في الشتاء، مسلسل ياسر العظمة، سندويش البيض من بوفية الجيران، البطاطس، الفلافل، كلُّها أعيادٌ صغيرة في ذاكرةٍ كبيرة. لعبةُ المخطة في بيتِ جدي، الغميضة، اللص والحرامي، الجلاد، السهر حتى الفجر، والتأملُ على سطحِ بيتنا الكبير، وحيدةً مع القمرِ والنجوم، وحيدةً، لكن مليئة. في غرفةِ أمي، أكلتُ ثمرةَ الكعك، واللوز من شجرات بيتِنا والجيران، وكتبتُ، في المنتديات، كما لو أن العالم كان ينتظرني لأقول. نمت ذاكرتي، وفيها أشخاصٌ كُثر، قد رحلوا، لكنهم بقوا فيها أحياء. لا بد أنكم عرفتم الآن، أنتمي إلى أي جيل، يا أصدقائي… ذاك الطفل الذي ظل حيًا بين تلك الأشياء الصغيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى