إبراهيم نوار يكتب :كيف يمكن أن تنتهي الحرب

تتوقف شرعية حكومة نتنياهو محليا على قدرتها على حماية مواطنيها وضمان عدم تعرضهم للخطر. وقد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق ذلك. ولم يشعر الإسرائيليون في تاريخهم بهذا القدر من الفزع والخوف وانعدام الأمان، بسبب الردود الإيرانية على الهجمات الجوية الإسرائيلية. لقد فشلت حكومة نتنياهو في تحقيق أهداف حرب غزة التي اعتقدت أنها لن تتجاوز نهاية عام 2023 على أكثر تقدير، وتم وضع خطة الحرب عسكريا، وتقدير تكلفتها ماليا على هذا الأساس. لكنها فشلت حتى الآن في تحقيق أهدافها، وزاد على ذلك أن المحتجزين المفرج عنهم عادوا بالمفاوضات وليس بالحرب. وبعد فشلها في غزة تخوض حكومة نتنياهو فشلا ثانيا في إيران، حيث تستهدف تدمير البرنامج النووي تماما، وكذلك البرنامج الصاروخي، وتهيئة البيئة السياسية لإسقاط نظام الحكم في طهران، وتستطيع إسرائيل بمساندة الأسلحة الغربية أن تسوي بعض المناطق في طهران بالأرض، كما فعلت في غزة، لكنها لن تستطيع تحقيق أهداف الحرب. كما أنها في الوقت نفسه عاجزة عن توفير الأمان لمواطنيها، وإنما تدفع بهم للمزيد من الخوف وقضاء ساعات طويلة من حياتهم في الملاجئ. ولتأكيد هذه الحقيقة قالت صحيفة «جيروساليم بوست» في افتتاحيتها (الإثنين الماضي): «إننا لا نشعر حقا بالهجمات في طهران هنا على الأرض؛ بل نشعر بألم ويأس إخواننا وأخواتنا الذين يعانون في أنفاق حماس، بلا مأوى، ولا قيادة للجبهة الداخلية، ولا خدمات طوارئ لمساعدتهم».
هنا على وجه التحديد تفقد أي حكومة مقومات شرعيتها، وإذا كان نتنياهو قد أرسل طائراته وصواريخه إلى طهران لإعلاء الحرب على الدبلوماسية، وطلبا لتأكيد الشرعية، والبقاء في السلطة، والفوز في الانتخابات المقبلة، فإن الفشل حليفه إلى النهاية. لن تستطيع إسرائيل كسب الحرب ضد إيران وتدمير برنامجها النووي، ولا برنامجها الصاروخي بالقوة. ولن تكون القوة الغاشمة إلا أداة لعدم الاستقرار واستمرار الحروب. لن يستطيع نتنياهو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط كما يريد، ولا كما يريد حلفاؤه أو المتواطئون معه. وكلما طالت الحرب ستخور إسرائيل أكثر وأكثر ويكتشف الإسرائيليون حقيقة نتنياهو المتعفنة؛ فإسرائيل غير مهيأة لحرب طويلة الأمد، ولا تستطيع أن تصمد. وإذا كانت الولايات المتحدة ودول التحالف الغربي لن تسمح بهزيمة إسرائيل، فلن يكون أمام الدولة الصهيونية إلا طلب المساعدة الخارجية، الأمر الذي يفتح الباب لتوسيع نطاق الحرب.
إسرائيل التي لم تستطع مواصلة القتال في غزة إلا بمساعدة الأسلحة والدبلوماسية الأمريكية والغربية، لن تتمكن من توفير الأمان لمواطنيها وهي تعتدي على غيرها، وستبقى، إذا بقيت، مجرد محمية أمريكية. أما مستقبل النظام السياسي في إيران فيقرره الشعب الإيراني نفسه، من دون تدخل من ترامب أو إملاء من نتنياهو. ويظل مستقبل المنطقة هو في إقامة سلام على أسس التعايش السلمي والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحصول الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولته المستقلة الآمنة ذات السيادة الكاملة.