قبل رحيل الشمس…..بقلم مهاب حسين/مصر.

استلم الخطاب من شؤون العاملين، طواه في جيبه وانصرف.
مضى شارداً يجوب الشوارع المكتظة، يتأمل المارة يتبادلون الضجر والصخب. تنعكس صورته على الفترينات الزجاجية، هاله كم الشعر الأبيض يغزو رأسه، تحفر التجاعيد أخاديدا في وجهه، تفوح منها رائحة الزمن.
-“هكذا مضت بك السنون.. وآن أوان الخريف أن يهل متأبطاً أوراق العمر، لينثرها في وجه الريح.
يرن الجرس معلناً بأن الرحلة قد انتهت، وصلت الحافلة لنهاية الطريق، تذكرة السفر إياب بلا عودة.
ترنح الجواد في منتصف السباق.. وخرج خاسراً!”.
جلس في حديقة ساقته قدماه إليها. تذكر البيت والأولاد..
ياترى ماذا ستكون ردة فعلهم؟.
فكر في الأيام القادمة، ماذا عساه أن يفعل بعد إحالته للمعاش؟..
أينتظر الموت؟.
ولكن أين..
في المنزل، في المقهي.. أم في الشارع؟.
أينزوي في المنزل مهملاً، يتصفح الجرائد، يتجاهله الجميع.
شعر ببوادر برد الشتاء، يتسحب بتؤدة على أطراف الخريف المنصرم..
السحب في السماء تتكاثف، قشعريرة خفيفة تنتابه.
قام من مجلسه..
برقت الفكرة في مخيلته..
سأل الشرطي الواقف عن أقرب محطة قطار.
أشار له صوب المدخل الجانبي للمدينة.
مزق الخطاب وألقاه على الأرض..
جرفه الحنين لبلدته القديمة..
أسرع الخطى ليلحق بأخر قطار..
أخر ضوء قبل أن ترحل الشمس.