نحنُ في الإنتظار…….بقلم رياض ناصر النوري

أولئك المتكئونَ على الأرائكِ ليلَ نهارْ
لوْ يرسلون شيئًا جديدًا
يدلُّ على أننا بغيابهم أحياءْ
باقون هنا ..
نكتبُ ونقرأُ كما نشاءْ
نحرثُ الأرضَ .. نزرعُ القمحَ
فتنبتُ في كلّ سنبلةٍ مليونَ حبة
لِنبقى حتّى آخر الانتظار
لوْ يُرسلون..
قطعةَ حجرٍ من جدرانِ بيوتنا
الطافحةِ برائحةِ بخورِ أرواحِنا
أو حفنةً من بقايا العجاجِ
في زوايا النوافذْ
حيثُ بقية أحاديث العصافير
أوصورةً بالأسودِ والأبيضْ
لمسحةِ عبثِ أصابعِنا
-حينَ كنّا صغارًا –
على هُبابِ قِدْرِ الطعامْ .
نحنُ لمْ نستفقْ بعدُ ..
فقد أخذتنا سِنةٌ طَويلةٌ مِن النومْ ..
والغابةُ حولَنا تحترقُ ..
تحترق…
دونَ أنْ نحاولَ ولوْ مرّةً
إنقاذَ شجرةٍ واحدةٍ
دونَ أن نُصابَ بالذعرِ
لرمشةِ عينٍ مما نرى
دون أن نطلبَ العونَ والنجدةَ
من أولياءِ الأمورِ الصالحين
كنا جميعًا
ننتظرُ شيئًا جديدًا
شيئًا يبرهنُ أننا لم نزلْ
مِن السادةِ الأنقياءْ
البارعين في صناعةِ الخبزِ
الماهرين حدَّ البكاءْ
في تطريزِ شباكِ الخيبة.
حركةُ الطرقات…ِ متوقفةٌ
لتُتِيحَ لنا العبورَ الآمنَ..
نعبرُ..
لِنرتبَ الآنَ وليسَ غدًا
أرصفتَها وأبوابَ بيوتِها
فنحنُ نقرأُ بخشوعٍ وسريّةٍ
معجزةَ الوقوفِ على قدمين ثابتتين
نقرأُ جهرًا سؤالَ سيدِ أرواحِنَا
عن السببِ الذي يجعلُنا
نضحكُ ونرقصُ
نأكلُ ونشربُ
رغمَ أنَّ الغابةَ حولَنا ..
تحترق .
…ونعترفُ
ها نحنُ نعترفْ
لمْ يعدْ لدينا مَا نبيعُهُ
لنكتبَ قصائدَ مَدحٍ
ترتدي قمصانًا خضراءْ
ولاءً وطاعةً..
لهذا الزمنِ المالحِ
فقدْ بِعنا بثمنٍ بخس
علبَ حليبِ أولادِنا الفارغة ..
سَاعاتِ جيوبِ أجدادِنا ..
صناديقَ زفافِ جدَّاتِنا..
بِعنا …خشبَ أبوابِ البيوتْ..
بعنا كتابَ دروسِ فتحِ بلادِ التوابل
ولم يعدْ لدينَا مَا يباع
لنكتبَ قصائدَ مديحٍ
عن الزمنِ الأعرجِ .
ولم نعدْ نصدّقُهم..
مَنْ يعمدونَ إلى تعليبِ ماءِ المطرِ
أمامَ أعينِ صغارِنا ..
مَن يُدخلون هَواءَ الربيعِ
في شريطِ الدواءْ
مَنْ يرسمونَ على حقائبِ أطفالِناالمدرسيةْ
” ميكي ماوس ”
مرتديًا الكوفيةَ والعقالْ
من يزاحموننا الأكتافَ
خلفَ الإِمامْ
حينَ يُدعَى لِصلاةِ الاستسقاء
في ظهيرةِ الصيفِ ..
ولم نعدْ نصدقهم البتةَ
أولئك مَنْ يضعونَ ألفًا بعدَ لامْ
فوقَ أسوارِ البساتينْ
كيْ لا تطيرَ
الغربانُ
عَن الشجرِ الأخضرْ