كتاب وشعراء

يا أبي / الشاعر منذر يحيى عيسى

◼أشعر بتأنيب ضمير وغصة لا تزول…
لأنني أعيش وأنت في غياب…
[ ستة وعشرون عاماً على الغياب ].
——————————-
●[ يا……. أبي ]
===========
لو من غيابك تأتي
يا أبي
لو تأتي لأراكَ
وترى لهفتي
وما أكابدُ من عناءْ…
وكيف عبث الوقت
بملامحي على هواهْ…
ولرأيت كيف أني كبرت
وداهمت وجهي خطوط التعبْ…
وترى كيف هربت إلى فضائها
بعض أحلام الطفولةْ…
وكيف يتربص بعضها
كلصٍ في الظلامْ…
وكنت ترى كيف استطالت
شجيرة البرتقال
التي حنتْ عليها كواحدنا
يداكْ…
أفكر يا أبي لو أنك عدت من الغياب
هل سيكفي الوقت
لأروي لك كيف رافقتني
من البعيد البعيد
ولم يفارقني في لحظةٍ
دفء رضاكْ…
وترى كيف كانت أمي
تغزلُ حزنها
شوقاً وصلاةْ…
وكيف كانت تقبض على وقتنا
كما لو كنتَ
ولا يفرحها إلاّ ما يشبه نداك…
وهي الآن ترقد
في جوارك…
لو عدتَ
هل سيكفي الوقت
لأقول كل شيء
ولأروي ظمأ الاشتياقْ …
هل تصدق يا أبي
أن طيفك لم يغادر
وأن ابتسامتك زادٌ في الهجير
وصوتك الشجيُّ
و وصاياك قداسٌ
نتلوهُ في الأمسياتْ
وكأنك تنادينا لنكملَ حولك
في لحظة نسكٍ
طقس الصلاةْ…
لو تعود يا أبي
أعودُ طفلاً بملامح الكبار
أو ستراني كائناً كبر خفيةً
كما تكبر الأشباح في ليل الخرافهْ
ورأيت أني لم أعدْ أتقن
غير البكاءْ…
وسيفاجِئُك في روحي
حجم السقامْ…
وترى دموعي في تهطالها
كأنها مطرٌ غزيرٌ
ضيّعته في لهوها السماءْ…
لو من غيابكْ!…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى