السفير فوزي العشماوي يكتب :طرفا الصراع

طرفا الصراع ، آسرائيل وإيران، يضغطان بقوة علي أعصاب الجبهة الداخلية للطرف الآخر، تخيل حجم الرعب والقلق لملايين الإسرائيليين الذين يضطرون للهرولة للمخابئ كل بضع ساعات، ويعايشون أوضاعا لم تكن لترد في أسوأ كوابيسهم، ويكابدون أوضاعا كانوا يرون جيشهم وهو يفعلها علي شاشات التلفزيون في المدن والشعوب المجاورة، وبرغم الرقابة العسكرية الصارمة فإن مشاهد الدمار والرعب، والتقارير التي تتحدث عن محاولة مغادرة البلاد تشي بالكثير، ربما يكون غالبية الاسرائيليين مازالوا تحت تأثير دعاية نيتنياهو وحكومته بأن هذه حربا وجودية، وأنها كانت ضرورة لإستئصال التهديد الأكبر لإسرائيل، إلا أن إستمرار القصف الصاروخي أسبوعا آخر أو بضع أسابيع سيفتح الباب للتساؤلات عن جدوي الحرب وصحة تقديرات وحسابات القيادة والجيش لقوة العدو ، وسيكون المتهم الأول والوحيد هو بلاشك نيتنياهو، كون الحرب حربه وقراره من الألف للياء
الأوضاع في إيران ربما لاتقل سوءا، في ظل إستباحة الطيران الإسرائيلي للأجواء الإيرانية، وقيامه بحرية بضرب العديد من الأهداف العسكرية والنووية والبنية التحتية، وتوسيع نطاق قصفه ليشمل قيادة ومقر قوات أمن النظام تمهيدا لجعل عملية السيطرة علي أي قلاقل مستقبلية أمرا صعبا، لاتوجد أي تقارير موثقة عن تذمرات شعبية في إيران، بالعكس هناك تقارير عن مظاهرات مؤيدة للنظام، وصحيح أن النظام والجيش والحرس الثوري قد تعرضوا جميعا للطمة موجعة ومهينة في اليوم الأول من الحرب، سواء بإغتيال القيادات أو عجز الدفاعات الجوية أو الإختراق الواسع لشبكة العملاء والجواسيس، ولكن النظام مازال متماسكا، والقيادات تم إحلالها، والآلة العسكرية الصاروخية التي تمثل أهم مقومات الردع الإيراني ( في مقابل سلاح الجو الاسرائيلي ) قد إستعادت توازنها سريعا ونفذت حتي الآن ١٧ موجة متصاعدة من القصف الصاروخي الذي أوقع خسائر مهمة ومؤثرة يتكتم عليها الكيان ولكنه لن يستطيع إخفائها طويلا
نحن اذن أمام لعبة عض أصابع روسية تستهدف أعصاب وتماسك الجبهة الداخلية، لو ترك الطرفان بمفردهما يمكن القول أن لدي إيران الصبر والعمق والخبرة بهكذا حرب ( حرب إيران مع العراق إستمرت ٨ سنوات ) والقدرة الكبيرة علي إيلام إسرائيل التي لاتمتلك في المقابل عمقا جغرافيا ولاسكانيا ولم تعتد في تاريخها علي هكذا حرب داخل مدنها
ولكن العقل والمنطق يحتم أن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك، إذ لابد وأن تتدخل لإنقاذ مشروعها وإستثمارها الأكبر والأهم، سواء كان من خلال عمليات عسكرية تشل الخصم وربما تفتح الطريق لسقوط النظام وهذا هو الأرجح حتي الآن، أو تحدث معجزة ويتم العودة لمائدة التفاوض إذا ترسخ لدي ترمب القناعة بأن خسائر التدخل ستفوق كثيرا القيول بالعودة للتفاوص دون شروط تعجيزية علي إيران وهذا مانرجوه ونتمناه ونستبعده !