كتابُ الرغبة الثالثة…..بقلم محب خيري الجمال

(1)
كنتُ أظنّني أعرف شكل جسدك
حتى رأيتكِ تمشين نحوي دون ملابس في حلمٍ قديم،
وجهكِ مُضاءٌ بفكرة النجاة من الطهارة.
أردتُ أن أدفنكِ تحت لساني
لئلّا يسمعكِ الهواء.
لكنكِ نطقتِ اسمي
وكُنتِ تضحكين كما تفعل الآلهة حين تُخطئ عن عمد.
ثم بصقتِ اسمي على الأرض ومشيتِ.
(2)
تقولين إنكِ لا تُحبين أحدًا،
لكن ثيابكِ كانت تنزلق كلما نطقتُ.
هل تذكرين حين قلتِ: لم أعد أريد أن أكون طاهرة؟
وقلتُ: اصنعي من صدري مرآةً، وكسّريها ببطء.
فعلتِ.
ثم لعقتِ الزجاج بأطراف أصابعكِ وقلتِ: أحبّ الدم حين يكون نظيفًا.
(3)
كنا نلهو بجملة: “أنا لكَ”
لكن لم يكن لأيٍّ منّا الآخر،
بل كنا نملكان الغياب نفسه،
نمسك به من عنقه،
ونسأله كل مساء إن كان راضيًا.
في المرّة الأخيرة
همستِ: أنا لكَ حتى نهاية الخراب
ثم قمتِ من سريري كأنكِ قمتِ من بين الأموات.
(4)
لم يكن ثدياكِ أجمل ما فيكِ،
بل ذلك العرق الذي يسيل بين صمتكِ ورغبتكِ.
حين سألتُكِ: أين تؤلمكِ الذاكرة؟
فتحتِ ساقيكِ وأشرتِ بإصبعكِ:
هنا أحتفظُ بكل ما لم أصرخ به.
ثم ضحكتِ، وبلعتِ الإصبع بالكامل.
(5)
أردتُ أن أكتبكِ قصيدة،
لكن حلماتكِ كانت أقرب للحبر.
فغرقتُ فيها،
ولم أخرج إلا وقد كتبتُ نفسي داخل حلمةٍ واحدة،
وكتبتكِ في حلمةٍ أخرى.
ثم لم أعد أعرف كيف أُرضِع ذاكرتي دون أن تنفر الحروف.
(6)
قالت لي: لا أريد أن أُدفن كما تُدفن النساء،
بل كما تُدفن القصائد السيئة:
في غفلةٍ من الليل وبلا شهود.
قلتُ لها: تعالي
وسأكتبكِ على جلدي بالمسامير.
ثم سلختُ ظهري، وأهديتُه لها ملفوفًا في بلاغة.
(7)
كنا نُصلّي معًا دون أن نؤمن،
وكانت قبلتكِ سُجودي الوحيد.
وفي كل سجدةٍ،
كنتِ تُريني الإله عاريًا،
وعيناه مفتوحتان على فخذيكِ.
ثم همستِ: العبادة التي لا تُبلل لا تُحسب
(😎
طلبتُكِ مرارًا،
فقلتِ: أعطني سببًا واحدًا لأعود.
قلتُ: عودي كي نكمل الشتيمة التي بدأناها في السرير.
أغلقتِ الخط.
ثم أرسلتِ لي صورتكِ مبلولةً: كلّها، عدا صوتك.
(9)
كلّما خنتِني، كنتُ أراكِ أجمل.
كأنّكِ تُلمعين نفسكِ بالخيانة.
كأنّهم يتركون على جسدكِ نُدبًا لا أراها إلا حين أُقبّلكِ.
وأنتِ تفتحين ساقيكِ مثل بابِ كنيسةٍ بلا قُدّيس.
ثم تقولين لي: اغفر لي… لكن افعلها بأصابعك
(10)
المرّة الأخيرة التي نمتِ فيها هنا،
كُنتِ نائمة على ظهركِ
لكنكِ تحلمين على بطنكِ.
كنتِ تُبعدين يدي عن صدركِ وتقولين:
هذا لي، حتى لو كنتُ غائبة.
ثم استيقظتِ، ووجدتيني أبكي من ثديكِ، كما يبكي طفلٌ ضائعٌ في بيتٍ من زجاج.