كتاب وشعراء

خرافة الالتحام .. شعر: سابريناعشوش

خرافة الالتحام /..

….. نشيدًا من جنون مقدّس

رسمتُه… لا بريشة فنانٍ يُتقن ملامح الرجال،
بل بخفقةٍ من شراييني،
وأنفاسٍ خرجت من عُمق يقيني،
كأنني سكبته من قلبي على صفحة الوجود،
كما يُسكب العطر على عنق المساء…

كتبتُه على خدّ القمر،
بلغةٍ لا تُترجَم،
حروفها وُلدت من شهقة عشق،
وماتت على شفاه الغرام…

نقشتُه على سطح صدري،
كما تُنقش التعويذة على الحجر النادر،
كأنّ كلّ خليةٍ فيّ كانت تنتظر أن يُكتَبَ فيها،
أن يُنطَق بها، أن يُلبَس.

أعشقُه…
سيداً من سلالة الضوء،
يُمهّد اسمي على درب النجمات،
ويُلبسني القصائدَ كفستانٍ لا يُخلع،
يفصّله على لهفتي،
ويخيطه بخيوط من شهقةٍ وهمس…

هو يشبه الندى،
حين يهمسُ للعشب المرتجف،
ويشبه النار حين تذوب
في النبيذ الدافئ على الشفاه المرتعشة،
هو المطر حين يغازل أرضًا يابسة
فتنبت وردًا وشوقًا…
هو الأنبياء،
حين أحبّوا كما يليق ببشرٍ خاشعين.

أعشقه سيّداً
يمشي في الكون كأنّه صلاة،
خطاه تكبيرات عشق،
وصوته إشراقة قيامة.

علّمني كيف أنبتُ من حزني نخلاً،
وكيف أروي ظمئي بشهقة شوق،
وكيف أعيد ترتيب نبضي
لأُصبح بيتًا لا يسكنه سواه.

يا من يسقي قلبي بلمسة،
ويزرع القصائد على جلدي،
تأخذني إليك كما تُؤخذ الأرواح،
لا صخب فيك…
بل ضجيج حنون يسكنني بصمتٍ فاخر…

يا من مرّ بعمري كالإسراء،
علّمني لغة العشب، والماء،
وشفّر أسراره تحت جلدي،
حتى صرتُ امرأةً
لا تُترجمها سوى يديه.

هو… من أزهرت باسمه كل وعودي،
ومن حفرتُ حروفه بين أضلعي،
هو الرجل الذي جعلني أؤمن
أن الرجولة وطنٌ،
وأن الأمان رجلٌ يشبهه.

ثم…
حين التحمت أرواحُنا،
سقطت الحواسُّ، ذاب المنطق،
صرنا كائناً واحدًا بنبضين،
يضحك في مرآتي،
ويبكي حين تُغمضني الدموع…

كنتَ الكرز المعتّق،
أسقايتني من شفتك حتى سكرت،
تعثّرت بأنفاسي،
تدلّيت على جدار الرغبة كأوّل أنثى
تذوق الخرافة في قُبلة…

رائحتك؟
قرنفلٌ يتسلّل إلى رئتي،
ويستوطن عُمق الحنين…
وملمسك؟
فرشة فانيليا
ذابت على صدري،
وانسكب من شعرك الأشقر
نورٌ ناعمٌ كأنّ الشمسَ نامت على ظهري…

نحن لا نُقبّل،
نحن نلتحم كما تتعانق المجرات،
كما تتآلف النار مع الهواء،
كما يتسلّل الندى في مسامات الاشتياق،
نذوب…
فلا ندري من فينا يشتهي،
ومن فينا يُستسلم،
ومن فينا من الآخر صار.

أحبّك؟
بل أُصليك…
أُقدّسك كما تُقدّس الكواكبُ نجمها،
أراك في ممرات عقلي،
وفي شقوق قلبي،
وفي بقعةٍ لا يصلها أحدٌ سواك.

حتى لو افترقت أجسادُنا،
قلبي لا يعترف بالغياب،
ذاكرتي لا تقرأ سواك،
وإن أتى الموت،
فلن يسكتني… بل سيجعلني أُردد اسمك في الحياة التالية.

يا من جعلني وطنًا من لحمٍ ولهفة،
يا من أذابني كما يذوب العسل بين شفتيّ،
أعدك…
إن افترقنا زمنًا،
أو مرّ موت…
سأبقى أتنفّسكَ بالشوق،
وسيهذي بكَ عقلي
حتى في لحظة احتضاره

سابرينا/…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى