نَذْرُ الضّاد .. بقلم : سابرينا عشوش

نَذْرُ الضّاد
أيا خفافيشَ ليلِ العجزِ، يا رهطَ التَّدنِّي والتَّخَذُّلِ،
أتيتُم مثلما الأوباشُ، لا عِلمٌ لديكمْ لا جَمالُ ولا دَليلِ،
تناطحونَ البيانَ، وما ملكتُم سوى فمٍ عقيمٍ لا يَصيحُ ولا يَميلِ،
أمَا علمتُم بأنني الحرفُ الأبيُّ، ابنةُ الضادِ العريقةِ، لا أُذلُّ ولا أميلِ؟!
أنا شاعرة، إن رَفعتُ قلمي، ارتجفَ الزمانُ من انفعالي،
أنا لهيبُ الشِّعرِ حين يُثارُ في لغتي، وخصمي في ضلالِ،
قولي سِهامٌ ما تُردُّ، ونَحوُهُ كالسيفِ يجتزُّ المَفاصلَ في القتالِ،
وحروفي خيلُ مجدٍ، ما ركَعتْ يومًا، ولا خَفتْ جُهّالَ الليالي.
إن جاؤوني بنقدٍ، فالردُّ نارٌ لا تُجاملُ في الجدالِ،
أنا لا أُجيدُ الهَزلَ، هجائي طُهرُ موجٍ في زلالِ،
سلُّوا الضّادَ، تشهدُ أنني أقمتُ الحرفَ حين تَهاوى في الرمالِ،
وأنني أدافعُ عنه كما الأمُّ تُقاتلُ كي تَفتدي ابنَها المُلقى على الجبالِ.
يا من تسمُّونَ الشَّتائمَ نقدًا، يا خناجرَ الكلماتِ في ظهرِ المقالِ،
أنتم خنتمْ ميثاقَ الشعرِ، واللغةِ، والمجدِ، والميثاقِ المُحَالِ،
سقيتُم القلمَ سُمًّا، وقلتم: هذا أدبُ النُّبلاءِ والاعتدالِ!
كذبتمْ! فالغيظُ في أفواهِكم ظاهرٌ، والحقدُ نازفٌ من المقالِ.
تدّعون المحبةَ، وأنتم سمُّها القاتلُ، وسُمُّ الحُبِّ في دَخيلِ،
تحاربونَ الغزلَ، كأنّه عارُ القبيلةِ، وتفرحونَ بذبحِ العليلِ،
لكنّني، والشِّعرُ سيفي، والغرامُ دمي، وقلمي لهيبُ خليلي،
سأمحوكم من الذاكرةِ، كما يُمحى الوَهمُ من عقلِ النَّبيلِ.
لن يُمحى اسمي،
فأنا محمدٌ من نارِ صبرٍ شُكِّلتُ،
وأنا سابرينا ابنةُ الألمِ الجميلِ،
مُذ ولدتُ، وأنا أَسكُبُ شِعري من دَمي، وأُنبتُ الكلماتِ من صقيعِ الرّحيلِ،
أتيتُم لقطعِ جناحي، فقطعْتُ أصواتَكم، ونزعتُ من حُنجرتِكم هَزيلَ الدّليلِ.
سيحرقكم قلمي،
إن مسَّ ورقي هواكم، اشتعلَ الدّمعُ من خوفي النّبيلِ،
وشهِدَ عليَّ حرفي، وما خُنتُهُ يومًا، ولا بعتُه في سوقِ الوكيلِ،
أنا ابنةُ من عاهدوا الصخرَ، ونازلوا الملوكَ، ولم يخنعوا للذليلِ،
أنا التي تَرفعُ الضّادَ في وجهِ الدُّجى، وتردُّها رايةً فوقَ السهولِ.
لا تتبارزوا بالألقابِ، فأنتمُ مفضوحونَ من قبلِ الدَّليلِ،
وجوهُكم أقنعةٌ تتكشَّفُ، وأسماؤُكم فقاعاتٌ في هوا الزّيفِ الرَّخيلِ،
حتّى الملائكةُ تخجلُ أن تَكتُبَ حسناتكم ولا حسنة لكم، وترتجفُ من جَورِكم في السَّبيلِ،
وعزرائيلُ سيَنعلكم، لا يُمهلكم، ولا تسمعونَ من فِيهِ شهادةَ الرحيلِ.
وإن جاءَ لَحْدُكم،
تتمنّونَ الدعاءَ، ولا يُنطِقُكم سِوى صَوتِ الوَيلِ والعَويلِ،
أنفاسُكم تَخرجُ سُخامًا، لا مسكًا،
ونهايتُكم في قَعرِ جَهنّمَ… لا فيها ظلٌّ ولا نَخيلِ!
سابرينا