فيس وتويتر

أشرف الصباغ يكتب :هذا العقل الهمجي الذي يرتدي صاحبه ثيابا أنيقة

«مش قادر على المسؤولية روح اشتغل في الأوبرا واستمتع بحفلة وعرض موسيقي كل يوم»
الجملة دي قالها مقدم برامج مشهور اسمه عمرو أديب!!
سيبك من فهمه هو للمسؤولية، ويعني إيه مسؤولية من وجهة نظره. لكن الجملة “العبقرية!” دي، هي مرآة حقيقية للحضيض اللي إحنا وصلنا له، ولصورة العقل “الهمجي” اللي بيقول كلام وهو مش فاهم إيه اللي ورا الكلام ده.. أنا عارف إن الكلام يبدو عفوي وبسيط. وأنا مع إنه عفوي وبسيط، وممكن ميكونش مقصود بيه غير إن اللي بيقوله، بيتكلم عن المسؤولية من وجهة نظره، وإنه ممكن يكون شايف إن المسؤولية هي إنك تعمل اللي هو شايفه وخلاص.. وأعتقد إن هي دي الكارثة الحقيقية..
العقل الهمجي ده، اللي تم تدجينه وهندسته، ثم التخلص منه تماما ووضع فردة حذاء بدلا منه… العقل ده مش واخد باله إنه وهو بيتكلم عن “الأوبرا” والموسيقى والفن بالشكل ده، وبيتكلم عن “الشغل في الأوبرا” بالاستهانة دي، وبيحط الشغل في الأوبرا والاستمتاع بما تقدمه، مقابل “العمل بمسؤولية”، وكأن الأوبرا دي لا سمح الله حاجة كده “استغفر الله العظيم”، هو مش واخد باله إنه بيحط نفسه في خندق واحد مع الظلامية والإرهاب والتخلف، أو في أحسن الأحوال في زريبة مواشي..
هذا العقل الهمجي الذي يرتدي صاحبه ثيابا أنيقة، ويمتلك أمولا وعقارات ويتحدث لغات، ويجلس مع كبار القوم والأقوام الأخرى، ولديه أسرة وزوجة وأبناء،.. هذا العقل لا يدرك أنه بهذه الكلمات البسيطة يؤكد كل ما يتحدث به السلفيون والإرهابيون والحمير عن الفن والفنانين، وما تقدمه الفنون والآداب والمسارح.. يستهين بالفن وبمن يقدمونه، ويضعهم في مقابل ما يرى أنه “المسؤولية”.. ويبدو أن المسؤولية من وجهة نظره أنها هذا الكلام الفارغ والخرط الذي يتحدث به يوميا أمام الكاميرا، وربما تكون هذه المسؤولية، كل ما يفعله في الخفاء والعلن لكي يتمكن من البقاء في مكانه ومواصلة ممارسة مسؤولياته الجبارة..
هذه الجملة “الحقيرة” تؤكد لنا مجددا إلى أي حضيض وصلنا، وفي أي حضيض نعيش، وكيف وصلنا إلى إدمان متابعة مثل هؤلاء الناس الذين أصبحوا التجسيد الحقيقي والمادي لجبل الخراء الذي نعيش فيه..
هذا هو الهبل والعبط والاستسهال الذين يدمنهم “العقل الهمجي”. هذا العقل المنحط لا يدرك إطلاقا أن “الأوبرا” كصناعة، أو كنوع فني، أو كمبنى ومعدات وتقنيات، هي أحد القمم التي تصل إليها الشعوب والمجتمعات الراقية. وهي في الوقت نفسه أحد الدعائم والأرجل والجذور الرئيسية التي تقف عليها الأمم والمجتمعات الراقية، إلى جانب الصناعة والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد.
أيها “العقل الهمجي” الساقط، أن يكون هناك انهيار في العلوم والصحة والتعليم والاقتصاد، فهذا لا يجعلنا نضع “العربة أمام الحمار”: نضع الأوبرا وما تقمه وما تصنعه مقابل المسؤولية!! هل تعرف ما هي “الأوبرا”؟! هذه المقابلات لا يجرؤ عليها إلا العقل الهمجي الساقط الذي يبدو أنه أصبح يقودنا ويرشدنا، ويقدم نصائحه ومواعظه، متصورًا أنه يمارس النقد، ويمتلك الحقيقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى