كتاب وشعراء

لم يكن لونًا….بقلم سامح قاسم

لم يكن لونًا،
كان ارتيابًا صغيرًا
يسكن الحواف.
الأزرق،
ذلك الذي يمرّ في السماء دون أن يعتذر،
والذي يُضيف حزنًا خفيفًا إلى أشياء لا علاقة لها بالحزن.
كأن تمرّ بجانب نافذة
وترى ظلًّا يتذكّرك.
كنت أظنّ الأزرق هو البُعد،
حتى رأيته في عينيّ أبي،
حين لم يجد ما يقوله.
في سنوات الهدوء الكاذب،
كنت أختبر الأزرق كلّ صباح،
في قميص مُعلَّق
لم أرتده أبدًا،
في كوبٍ بارد
لا أعرف لماذا أبقيه هناك،
في دفتر ملاحظات
كتبت عليه اسمي
ونسيته في يد غريبة.
قالوا: الأزرق سلام.
لكنّي وجدته
يجلس على طرف المقعد
كزائرٍ لا يُجيد الانتظار.
قالوا: إنه لون البحر.
لكن البحر لا يثق بأحد،
يُخبّئ نفسه في الموج،
ويبتلع الرسائل
التي لا يجرؤ أحدٌ على فتحها.
الأزرق،
كان دائمًا خلف كل شيء،
لا يتقدّم،
ولا يتراجع،
كأنه يشبهني.
حين أغمض عينيّ،
لا أرى العتمة،
أرى الأزرق،
كأنه الذاكرة التي لم تُدوَّن،
والفكرة التي خافت من الوضوح،
والرغبة التي تأخّرت
ثم نسيت ما كانت تريده.
أنا لا أحب الأزرق،
لكنني لا أستطيع أن أتركه.
هو لون الأشياء
التي لا تحدث،
لكنها
تظلّ تنتظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى