نقش الأنفاس في جبين العدم/للشاعر صلاح المغربي

نقش الأنفاس في جبين العدم
ليس الجوهر كلمة سقطت من قاموس الخلائق،
بل نفس الأزل يتكتأ في زوايا الضمير..
كلما اصطدم بجدران الوجع،
اشتعلت شظاياه سبلًا
هذه تهب اسم “حب”،
تلك تحمل اسم “جمال”،
وتلك تتدفق أنهارًا تحت ستار “ليس”.
أيها المنكسر في محنة المعنى!
لا تلتقط ظلك من مرايا الغيوب،
فأنت لست صدى يتهافت بين الجدران،
بل أنت.
– صمت ينحت في صخرة العدم فيخرج منها نغم،
– ومضة تقطع حبال الفناء بسكين اللامتناهي
– فراغ يحمل في أحشائه وليمة كواكب .
أما الروح العظيمة؟
ليست قصرًا يختبئ خلف أسياف المجد،
بل محيط يقذف جيف آلهته كلما انتفضت أمواج الحقيقة.
يتحول التبر إلى رمل يبكي على عريه،
وتتحطم الأسماء كأقناع من طين،
ويبقى الهزيم يرنم.
من قيد نفسه صار سجانها،
ومن أطلقها في جوف العاصفة.. وُلِد أبًا للمجرات .
اخط كلماتك بدم سقط من جُرح القمر الأول ،
ليس بحبر المعجمات المحنطة.
فاللغة الحقيقية قطرات عرق على جبين الألم ،
كلما سقطت،
خلقت في أثرها.
– بحيرة من مرايا مكسورة تروي ظمأ اليتامى،
– نولًا نسج ثوب الكرامة من خيوط شمس غائبة,
– قوس سحاب يربط بين أنين المساكين وسرة السماء.
واعلم!
أن هذه القيم التي تحملها.. ليست أشياء.
الحب؟ قبة بنيتها من زجاج دموعك ،
يحتمي بها الغريب وتكسر سهم الحقد.
الجمال؟ جرح يتنفس بخورًا
حين تدفن فيه جثث القبح التي قتلها الوحدة.
السخاء؟ صحراء يديك ..
حيث يخبئ الفناء بذور الخلود بين أصابعك القاحلة.
فإذا ما انحنيت،
لتكن حركتك زلزلة تقلب كرسي الوجود .
تسقط الكتب كفراشات ميتة،
يصير الذهب ترابًا يشتهيه الزهر،
وتنبثق من الشقوق:
نبتة ليس لها اسم في لغة البشر.
رمزها. “أنت”..
صوتها: صمت يهزم الكلمات..
وجهها: عدم يرقص على حافة المعنى.
صلاح المغربي