كان الشاي وتمشي الأيام……بقلم نجمه آل درويش

في بداية الصباح، حوالي الساعة السادسة، تملأ كوبًا من غلاية الشاي.
تحمله معها إلى الخارج، وتتمشّى، رغم حرارة الطقس، لكنها لا تبالي.
فالشروق في قريتهم، في هذا الفصل من الصيف، يبدأ بعد الرابعة والنصف فجرًا.
يعني أن الأرض الآن قد اعتادت خيوط الشمس الحارّة.
تعلَق في أفكارها أشياء كثيرة.
شهدت أحداثًا أكثر مما تُحصى.
تتصالح مع بعضها، أو تحاول أن تتصالح.
تمضي كأنها تقلب الصفحات واحدة تلو الأخرى،
إلا صفحة الموت،
تلك وحدها تبقى مغلقة، أو تُفتح رغمًا عنها.
تحاول أن ترى الموت بشيء من الهدوء،
أن تجعله أقل قسوة،
أن تلوّنه بألوان دافئة،
أن تهمس في نفسها: “حدث عادي، مثل أي نهاية…”
لكن، في كل مرة تقترب فيها الفكرة أكثر،
تشيح بوجهها.
كأنه شيء لا يليق بها.
ثوب لا يناسبها،
لن ترتديه أبدًا.
لكن… كيف لها أن تصدق ذلك؟
وهي بعينيها تلك،
قد شاهدت أحبةً لها،
أخذه أمواجه على عجل، وبدون استئذان؟
أين هي تلك الأجساد التي كانت تنبض بالحياة؟
برد الشاي.
والشمس تزيد لهبها،
وتلتهم الأسئلة.